فلبناتِه المحبةُ والاحتفاءُ الخاصَّين، وتزدادُ المحبة والرحمةُ بأسباب شرعية وقدرية، فبنات النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصةً أم كلثوم وفاطمة، نشأوا أيتاماً من قبل الأم، وأصغرهن: فاطمة، ولم يكن لهما من قبل عماتهما وخالاتهما مَن يعطف عليهما، وتنشآن في حنانها، فلم يكن لهما ـ بعدَ اللَّهِ ـ إلا والدَهما - صلى الله عليه وسلم -، ثم إنَّ المحبة تزداد لفاطمة بعد فقدها أخواتها كلها واحدة تلو الأخرى، فبقيت وحيدة مع والدِها - صلى الله عليه وسلم - وزوجِها ـ من شهر شعبان سنة ٩ هـ إلى وفاته - صلى الله عليه وسلم - في شهر ربيع الأول ١١ هـ.
قبل تلك الفترة، لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يفرِّق بين بناته في المحبة والاحتفاء، فهو - صلى الله عليه وسلم - أتقى الناس لربِّه، وأعدَلُهم، وقد أمرَ بالعدل بين الأولاد ـ وسبق بيان ذلك في الباب الأول: الفصل الأول، المبحث الخامس: قيامه - صلى الله عليه وسلم - عليها بالعدل ـ.
فالأحاديثُ الدالَّةُ على اختصاصِ فاطمةَ بشئٍ من المحبَّةِ والاحتفاءِ والفضلِ إنما وردَتْ بعدَ وفاةِ أخواتِها، وتفرُّدِها عنهم، وذلك بعد ... (شعبان ٩ هـ).