للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن مما لفَتَ انتباه الأوربي انتشارَ العمامة الخضراء على كثير من المنتسبين للنسب الزكي.

وتحدَّثَ ابنُ الخوجة عن تاريخها، وأنه ليس لها أصل في الشرع، وليست معروفة في القرون الأولى، وذكرَ أوَّلَ ظهورها في عهد الملك الأشرف: شعبان بن حسين ...

وذكر أنها كانت في البداية: علامةً خضراءَ تُضاف لعمائم الأشراف، ثم تطوَّرَت واستوعبت كامِلَ العمامة، أي لم تكن في البداية عمامة خضراء.

واستظهر أن الدَّاعي لتمييز الأشراف بشطفة خضراء في عمائمهم ... ما اقتضتْهُ الظروفُ السياسية، لأن الملك شعبان تولى السلطنة وعُمْرُه اثنا عشرة سنة، وثمَّةَ هَرْجٌ عظيمٌ بين ولاة الأتراك بجهات المملكة، والمتصرف بالمُلك الأتابكي: يَلْبُغَا، فأراد استمالةَ الأشراف لجانبه، لمَا لَهُمْ من الحَظْوَة والاعتبار في أنظَار عامَّة المسلمين، فيَلْتَفَّ الناسُ بعد ذلك حولَهُ لمناصرته على أعدائه. (١)


(١) لا أظنه صحيحاً؛ لأن الأمر بالشطفة الخضراء كان في شهر شعبان أو رمضان سنة ... (٧٧٣ هـ)، ويَلْبُغَا قُتِلَ في (٤/ ٧٦٨ هـ)، وكان الملكُ شعبان وقتَ الأمر بهذه العلامة متولياً الحُكْمَ بنَفْسِهِ مستفرداً بالتدبير، وعمرُه إذْ ذاك (١٩ سنة)، أي بعد ولايته الملك بـ (٩ سنوات)، ووقتُها كان الأمنُ مستتباً، وأحوال الرعية في أحسَنِ حال ـ كما سبق ذلك كلُّه في ترجمتِه ـ. ... = ... =

ولم يذكُرْ هذا السببَ أحدٌ ممن تكلَّم في هذه المسألة، وهُمْ أدرَى الناسِ بالأمر، كالمقريزي والسخاوي والسيوطي، وغيرِهم، فالراجحُ أنَّ السببَ على ظاهِرِه ـ كما نصَّ عليه المقريزيُّ وغيرُه ـ: أنه حُباً في آل البيت، ورغبةً في تمييزهم لِيُقَدِّرَهم الناسُ ويُعظِّمُونَهم ... ـ والله أعلم ـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>