من كمال دِين فاطمة - رضي الله عنها -، وعَقْلِها، ومحبَّتِها للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبِرِّها به، أنها حفظت سِرَّ أبيها ونبيها - صلى الله عليه وسلم -، ولم تخبر به أحداً حياة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
وعِلمُهَا بأنه سِرٌّ؛ إمَّا لكونِ النبي - صلى الله عليه وسلم - صرَّحَ لها بأنه سِرٌّ، لا يرغبُ أن يعلمَ به أحدٌ، أو عَلِمَتْ هي بالقرينة الفعلية والحالية، حينما أسرَّ الحديثَ إليها من بين سائر زوجاته في المجلس.
قال ابن عثيمين - رحمه الله -: (والسِّرُّ هو ما يقع خُفيةً بينك وبين صاحبك، ولا يحل لك أن تفشي هذا السِّرَّ أو أن تُبيِّنَه لأحد، سواءٌ قال لك: لا تبيِّنَه لأحد؛ أو عُلِم بالقرينة الفعلية أنه لا يُحِبُّ أن يطَّلِعَ عليه أحدٌ؛ ... أو عُلِمَ بالقرينة الحالية أنه لا يحبُّ أن يطَّلِعَ عليه أحدٌ.
مثالُ الأول: اللفظ: أن يُحدِّثَك بحديثٍ ثم يقول: لا تخبر أحداً، هو معك أمانة.
ومثال الثاني: القرينة الفعلية: أن يُحدِّثَك وهو في حال تحديثه إياك يلتفت، يَخشَى أن يكون أحدٌ يَسمَعُ؛ لأنَّ معنى التفاته أنه لا يُحبُّ أن يطلع عليه أحَدٌ.
ومثالُ الثالث: القرينة الحالية: أن يكون هذا الذي حدَّثكَ به أو أخبرك