وقد حرصَ السلَفُ على سياق الأسانيد في الأحاديث، والآثار، والفتاوى، واللغة، لأجل التمييز، قال العلامة: عبدالرحمن المعلِّمي (ت ١٣٨٦ هـ) - رحمه الله - في مقدمة تحقيقه لكتاب «الجرح والتعديل لابن أبي حاتم» (١/ ص أـ ب): (الإنسان يفتقر في دينه ودنياه إلى معلومات كثيرةٍ لا سبيل له إليها الا بالأخبار، وإذا كان يقَعُ في الأخبارِ الحقُّ والباطِلُ، والصدْقُ والكذِبُ، والصوابُ والخطأ، فهُو مُضطرٌّ إلى تمييز ذلك. وقد هيأ الله - تبارك وتعالى - لنا سَلَفُ صِدْقٍ، حَفِظُوا لَنا جميعَ ما نحتاج إليه من الأخبار في تفسير كتاب ربنا - عز وجل -، وسُنَّةِ نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وآثَارِ أصحَابِهِ، وقضَايا القُضَاةِ، وفتَاوَى الفقهاء، واللغة وآدابِها، والشعر، والتاريخ، وغير ذلك. والتَزَمُوا وألزَمُوا مَن بعدهم سوقَ تلك الأخبار بالأسانيد، وتتَبَّعُوا أحوال الرواة التي تُساعِدُ عَلى نَقْدِ أخبارهم، وحَفِظُوها لنَا في جُملَةِ ما حَفِظُوا. وتفقَّدُوا أحوالَ الرواة، وقَضَوا على كُلِّ راوٍ بما يستحِقُّهُ، فمَيَّزُوا مَن يجبُ الاحتجاجُ بِخَبَرِهِ ولو انفرَد، ومَن لا يجبُ الاحتجاج به إلا إذا اعتضَدَ، ومَن لا يُحتَجُّ بِه ولكن يُستَشْهَد، ومَن يُعتمَدُ عليه في حالٍ دُونَ أخرى، وما دون ذلك مِن مُتسَاهِلٍ ومُغفَّلٍ وكَذَّابٍ. وعَمَدُوا إلى الأخبار فانتَقَدُوهَا، وفحَصُوهَا، وخلَّصُوا لَنا منها ما ضَمَّنُوهُ كُتبَ الصحيح، وتفقَّدُوا الأخبار التي ظاهِرُهَا الصحَّةُ، وقد عُرِفُوا بسَعَةِ عِلْمِهم، ودِقَّةِ فَهْمِهِم ما يَدْفَعُهَا =