للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ردَّ عليه ابن تيمية - رحمه الله - فقال: (وكذلك ما ذكَره من إيصائها أن تُدفَن ليلاً، ولا يُصَلِّي عليها أحدٌ منهم؛ لا يَحكيه عن فاطمةَ ويحتجُّ بهِ إلا رجُلٌ جَاهِلٌ، يطرُقُ علَى فاطمةَ ما لا يَلِيقُ بها، وهذا لَو صحَّ لكَان بالذنْبِ المغفورِ أولى منه بالسَّعْي المشكُور، فإنَّ صلاةَ المسلِمِ عَلى غيره زيادةُ خَيرٍ تَصِلُ إليه، ولا يَضُرُّ أفضلَ الخَلْقِ أنْ يُصَلِّيَ عليه شرٌّ الخَلْقِ، وهذا رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي عليه ويُسَلِّمُ عليه الأبرارُ، والفجارُ، بلْ والمنافقون؛ وهذا إنْ لم ينْفَعْهُ لمْ يضُرَّهُ، وهُو يَعْلَمُ أنَّ في أمَّتِهِ مُنَافِقِين، ولمْ يَنْهَ أحداً من أمَّتِهِ عَن الصلاةِ عَليه، بَلْ أمرَ النَّاسَ كلَّهم بالصلاةِ والسَّلامِ عَلَيْهِ، مَعَ أنَّ فيهم المؤمنَ والمنَافِقَ، فكيفَ يُذكَرُ في مَعْرضِ الثَّنَاءِ عليها، والاحتجاج لها، مثلُ هذا الذي لا يحكِيْهِ ولا يحْتَجُّ بِهِ إلَّا مُفْرِطٌ في الجَهْلِ، ولَو وَصَّى مُوْصٍ بأنَّ المسلمينَ لا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ لمْ تُنَفَّذْ وصِيَّتُهُ، فإنَّ صَلاتَهَمْ عَليهِ خَيْرٌ لَهُ بِكلِّ حَالٍ.

ومِنَ المعلومِ أنَّ إنسَاناً لو ظَلمَهُ ظَالِمٌ، فَأَوْصَى بأنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ذلك الظَّالمُ، لمْ يَكُنْ هَذَا من الحسناتِ التي يُحْمَدُ عَليها، ولا هَذا مما أمَرَ اللَّهُ بِهِ ورَسُولُهُ.

فمَن يَقْصِدُ مدْحَ فاطِمَةَ وتعظِيْمَهَا، كَيفَ يَذْكُرُ مثلَ هَذا الذي لا مَدْحَ فِيْهِ، بَلْ المدْحُ فِي خِلَافِهِ، كمَا دلَّ عَلَى ذلك الكتابُ والسُّنَّةُ والإجماع؟ ! ). (١)


(١) «منهاج السنة» لابن تيمية (٤/ ٢٤٧ ـ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>