وحديث محمد بن فليح فيه التبعيض: لَمِنْ أحب الناس إليَّ. فالراجح رواية الجماعة، وهي الزيادة الأولى الدالة على استثناء فاطمة - رضي الله عنها -. ولفظ سالم: (ما سمعت عبداللَّه يحديث بهذا الحديث قط إلا قال .. )، يدل على أن والده - رضي الله عنه - حدَّث بالحديث أكثر من مرة، فتصح الرواية من دون الزيادة ــ وهي في البخاري ـ. ورواها البعض وذكر بأنه لم يستثن أحداً. وتصح الزيادة ـ أيضاً ـ باستثناء فاطمة، فابنُ عمر حدَّث به مراراً. وبناء على هذا، فلا تعارض بين هذه الروايات، كل حدَّث بما سمع. وثمَّةَ وجه: وهو اعتبار «ما» زائدة، فيكون الحديث باستثناء فاطمة - رضي الله عنها -، قال ابن هشام (ت ٦٧١ هـ) - رحمه الله - في «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» ـ تحقيق وشرح ... د. عبداللطيف الخطيب ـ (٢/ ٢٤٩): [«حاشا» على ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون فِعلاً متعدِّياً متصرِّفاً، تقول: حاشيتُه بمعنى: استثنَيتُه. ومنه الحديث أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: «أسامة أحبُّ الناسِ إليَّ ما حاشَى فاطمة». «ما»: نافية، والمعنى أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يستثن فاطمة. وتوهَّمَ ابنُ مالك أنها «ما» المصدرية، و «حاشا» الاستثنائية، بناءً على أنه من كلامه - عليه الصلاة والسلام -، فاستدَلَّ بِهِ على أنه قد يقال: قام القوم ما حاشا زيداً. كما قال: رأيتُ الناس ما حاشا قريشاً ... وإنَّا نحن أفضلُهُم فعالاً ويَردُّهُ أن في «معجم الطبراني»: «ماحاشى فاطمةَ، ولا غيرَها». ودليل تَصرُّفِهِ قولُه: ولا أرى فاعلا في الناس يُشبِهُهُ ... ولا أُحَاشِي مِن الأقوامِ من أحَد =