وأما الأتقياءُ من أمَّتِهِ فهُم أولياؤه، كما ثبت في «الصحيح» أنه قال: «إنَّ آل بني فلان ليسوا لي بأولياء، وإنما وليِّيَّ اللَّهُ، وصالحُ المؤمنين».
فبيَّنَ أنَّ أولياءَه صالحُ المؤمنين. وكذلك في حديث آخَر:«إنَّ أوليائِي المتقون حيث كانوا، وأين كانوا».
وقد قال تعالى: ... { ... وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}(سورة التحريم، آية ٤).
وفي «الصحاح» عنه أنه قال: «ودِدْتُ أنِّي رأيتُ إخواني»، قالوا: أوَلَسْنَا إخوانُكَ؟ قال:«بلْ أنتم أصحابي، وإخواني قومٌ يأتون مِنْ بَعْدِي يؤمنون بي، ولم يرَوني».
وإذا كان كذلك؛ فأولياؤه المتقون بينَه وبينهم قرابةُ الدِّينِ والإيمان والتقوى.
وهذه القرابةُ الدينية أعظمُ من القرابةِ الطينِيَّةِ، والقُرْبُ بين القلوب والأرواح أعظم من القُرْبِ بين الأبدان؛ ولهذا كان أفضل الخلقِ أولياؤه المتقون.
وأما أقاربه ففيهم المؤمِن والكافر، والبَرُّ والفاجر؛ فإن كان فاضلاً منهم كعَلي - رضي الله عنه -، وجعفر، والحسن، والحسين، فتفضيلُهُم بما فيهم من الإيمان والتقوى، وهم أولياؤه بهذا الاعتبار، لا بمجرَّدِ النَّسَبِ، فأولياؤه أعظم درجةً مِنْ آلِهِ، وإنْ صلَّى عَلى آلِهِ تبعَاً لَهُ، لم يقتضِ ذلك أن يكونوا أفضلَ مِنْ أوليائِه