الشق الأول فحقُّ العبارةِ أن يقول: فيه جوازُ إفشاء السر إذا زال ما يترتب على إفشائه من المضرة؛ لأن الأصل في السر الكتمان وإلا فما فائدته.
وأما الشق الثاني فالعِلة التي ذكرها مردودةٌ؛ لأن فاطمة - رضي الله عنها - ماتت قبلهن كلهن، وما أدري كيف خفي عليه هذا؟ ! ثم جوَّزْتُ أن يكونَ في النسخة سقم، وأن الصواب: فلما أمِنَت من ذلك بعد موته. وهو أيضاً مردود؛ لأن الحزن الذي علَّلَ به لم ينزل بموتِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل لو كان كما زعم، لاستمرَّ حزنهن على ما فاتهن من ذلك). (١)
وحِفظُها سِرَّ أبيها - صلى الله عليه وسلم - منقبةٌ من مناقبها - رضي الله عنها -، وكذلك كان الصحابة - رضي الله عنهم - يحفظون سِرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، من ذلك:
أبو بكر حينما عرض عليه عُمَرُ الزواج بحفصة - رضي الله عنهم -، وكان يعلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرها، ولم يرغب أن يُبدِيَ ذلك، فأعرضَ عن عمر، ثم لما خطبها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أخبره أبو بكر عذره في عدم إجابته؛ حيث قال: (لعلك وجدتَ عليَّ حين عرضتَ عليَّ حفصة فلم أرجع إليك؟ قال: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أنْ أرجع إليكَ فيما عرضتَ، إلا أني قد علمتُ أنَّ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قد ذكرَها، فلم أكُنْ لأفشي سِرَّ رسولِ اللَّه