للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيبَاً، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ ... أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (١) أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي (٢)،

وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ


(١) سبق في «التمهيد»: المبحث الثالث ذكر كلام ابن حجر عند هذه الجملة في تعداد أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم - الأدنين.
(٢) فائدة: قال الصنعاني (ت ١١٨٢ هـ) في «التحبير لإيضاح معاني التيسير» (٣/ ٧٦٧): (لا يخفى أن هذا ليس جواباً عما ذكره عليٌّ - عليه السلام -؛ لأنه ذكرَ الاستبداد الذي وقع منهم في أمر الخلافة؛ فأعرض أبو بكر - رضي الله عنه - عن جواب هذا، وسلك الأسلوب المحكم، كأنه يريد في نفسه أن ذلك أمرٌ قدْ وقَعَ، وقد انقادَ لهُ الناسُ، وأنه لا حاجةَ إلى الخوض فيه، والاعتذار عنه، وغايتُهُ أن أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يقُل: كنتُ أنا أحقُّ بهذا الأمر حتى يحتاج إلى الجواب، بل ذكر أنه كان الأولى أن لا تستبدوا بالأمر دون بني هاشم).
جاء في «مروج الذهب» للمسعودي ـ وهو شيعي ـ (٢/ ٣٠٧): (أنه لما بويع أبو بكر في يوم السَّقيفة، وجُدِّدَتْ البيعة له يوم الثلاثاء على العامة، خرَجَ عليٌّ فقال: أفسدتَ علينا أمورَنا، ولم تستشر، ولم تَرْعَ لنا حقاً، قال أبو بكر: بلى، ولكني خشيت الفتنة ... إلخ).

دلَّ هذا وغيره على أنَّ غضبَ عليٍّ إنما هو مِن استبداد أبي بكر ـ في نظره كما في حديث عائشة في «الصحيحين» ـ ومعنى الاستبداد كما في هذا النص: عدم المشاورة، والاستعجال بالأمر.
وانظر: «الأنباء المستطابة في مناقب الصحابة والقرابة» لابن سيد الناس القفطي ... (ص ٢٢٦).
تنبيه: لا يخفى أنه لا ينبغي أن يُخصَّصَ عليٌّ هنا ـ والحديث في شأنٍ بينه وبين أبي بكر - رضي الله عنهما - ـ بقوله: - عليه السلام - ـ إن كانت من الصنعاني وليست من النساخ ـ، وكذا تخصيصه بقوله: أمير المؤمنين. فكلٌّ منهما أمير للمؤمنين في خلافته، وأبو بكر أفضل هذه الأمة بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم -. ويأتي عليٌّ رابعَ هذه الأمة بعد أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أجمعين.
فائدة: قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في «التعليق على صحيح مسلم» (٩/ ٨٠): ... (لا يمكن أن نُخطئَ الصحابة - رضي الله عنهم - في بيعة أبي بكر - رضي الله عنه - ونصوِّب علياً - رضي الله عنه - فيما رأَى؛ لأن ما رآه علي - رضي الله عنه - مخالفٌ لظاهر ما جاءت به السُّنَّة، وهو أنه أحقُّ من أبي بكر - رضي الله عنه - وغيره، لقرابته من رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لوجوه ... ثم ذكرها وهي أوجه أحقية أبي بكر بالخلافة).
قلت: غالب العلماء على أن قول علي في مصالحته بأنه استُبِدَّ بالأمر دونهم، هو عدم مشاورتهم بالرأي في البيعة، لا أنه أو بني هاشم أحق بالخلافة، وانظر: «تحذير العبقري من محاضرات الخضري» لمحمد العربي التباني (١/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>