وعن السخاوي: ملا قاري في «الأسرار المرفوعة»، والعامري في «الجد الحثيث في بيان ماليس بحديث»، والعجلوني في «كشف الخفاء»، وغيرهم. قال القرافي في «الذخيرة» (١٢/ ١١٥) في أحكام القذف: (فرعٌ: قال في «الموازية»: إن قذفَ الغريب فعليه إقامة البينة على نسَبِهِ، إلا أن يطول الزمان وينتشر عند الناس ويُعرَف به، فيُحَدَّ قاذِفُهُ. قال مالك: والناسُ عَلى أنسَابِهِمْ لِأنَّهُم حَازُوهَا، وعُرِفُوا بِهَا، كالأمْلَاكِ. ومَن ادَّعى غيرَ ذلكَ كُلِّفَ البيِّنَةَ وإلا حُدَّ ... ).
قال الشيخ: بكر أبو زيد في «معجم المناهي اللفظية» (ص ٥٣٧): (هذا لا أصل له مرفوعاً، ويذكر علماء التخريج أنه من قول مالك وغيره من العلماء، وإلى هذه الساعة لم أقف عليه مسنداً إلى الإمام مالك أو غيره من العلماء، فالله أعلم). وأحال الشيخ بكر - رحمه الله - في بيان معناه إلى كتابِه «المواضعة» = في «فقه النوازل» (١/ ١٢٢ ـ ١٢٣)، وفيه يقول: (وقولهم أيضاً: الناس مؤتمنون على أنسابهم. وهو لا أصلَ له مرفوعاً، ويُؤثر عن الإمام مالك - رحمه الله - تعالى. وهَهُنا فائدةٌ يحسُن تقيِيدُها والوقوفُ عليها، وهو: أنَّ هذا ليس معناه تصديقَ مَنْ يدَّعِي نسَبَاً قَبَلِيَّاً بِلا بُرْهَان، ولَو كانَ كَذلِكَ؛ لاختَلَطَتْ الأنسَابُ، واتَّسَعَتْ الدَّعْوَى، وعاشَ الناسُ في أمْرٍ مَريجٍ، ولا يَكُونُ بَينَ الوَضِيعِ والنَّسَبِ الشَّرِيفِ إلا أنْ يَنْسِبَ نَفْسَهُ إليه؛ وهذا مَعنَى لا يُمْكِنُ أنْ يقبَلَهُ العُقَلاءُ، فَضْلاً عَن تَقْرِيرِهِ. إذا تقَرَّرَ هذَا، فمَعْنَى قَولِهم: «الناس مؤتمنون على أنسابهم» هُو قَبُولُ مَا لَيْسَ فِيهِ جَرُّ مَغْنَمٍ =