وأن طلبهما التولية لا التمليك، يتولونها لتصريفها كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتصرف فيها، ولما أخذاها من عمر بعد سنتين من خلافته، اختصما، فأرادا قسمتها بينهما في التصرف فيها لا في تمليكهما.
ولم أجد مِن العلماء مَن طعن في ثبوت هذه الجملة؛ لأن الحديث في الصحيحين ـ جاوز القنطرة ـ، وسياقه بتمامه يدل على ضبط رواته، فهو متفَّقٌ عليه ـ ولله الحمد ـ.
ثم وجدتُ كلاماً جديداً في تفسير الإشكال، ذكره الصنعاني في رسالة مفردة في هذه المسألة، سيأتي نقل كلامه بعد كلام الأئمة السابقين:
قال المازري (ت ٥٣٦ هـ) - رحمه الله -: (وأمَّا الاعتذارُ عن عليٍّ وعبَّاس - رضي الله عنهما - في أنهما تردَّدا إلى الخليفتين مع قوله: - صلى الله عليه وسلم - «لا نورث ما تركنا صدقة»، وتقريرُ عُمَر عليهما أنهما يعلمان ذلك؛ فأمثل ما فيه، ما قاله بعض الأئمة: أنهَّما طلبا أن يقسماها بينهما نصفين ينتفعان بهما على حسب ما ينفعهما الإِمام بها لو وليها بنفسه؛ فكَرِهَ عُمَر أن يوقع اسم القسمة عليها؛ لئلا يظن بذلك مع تطاول الأزمنة أنّها ميراث، وأنَّه - صلى الله عليه وسلم - وُرِث، لا سيما وقسمةُ الميراث بين العم والبِنت نصفان (١) فتكون مطابقة الشَّرع لما يقع اتَّفاقاً واجتهاداً من آكد ما يُلْبِسُ ويُوهم في ذلك أنّه - صلى الله عليه وسلم - وُرِث ما تَرك،
(١) بل في هذه المسألة: للبنت النصف، وللزوجات الثمن، وللعم الباقي تعصيباً.