(٢) فهو وإن كان منقطعاً إلا أن في الحديث ما يدل على هذا القول، مثل قول عائشة - رضي الله عنها -: (فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ) فهذا صريح في معنى القول الذي أدرجه الزهري، ولا يتصور مع هذا الوصف الكبير: [استنكار وجوه الناس، مصالحة، مبايعة] أن يكون علي - رضي الله عنه - بايع أول الأمر، ثم انقطع لانشغاله بفاطمة ـ كما قيل ـ، بل العبارات واضحة في انقطاعه وعدم مبايعته ـ وسيأتي مزيد بيان حول هذه المسألة ـ، وكذلك: (فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رقَى عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ). وهذا أيضاً دالٌ على مسألة التخلف عن البيعة منذ اليوم الأول، لأن عذره الذي اعتذر به أن أبا بكر استبدَّ بالأمر دونهم. لذا حديث عائشة - رضي الله عنها - وما دلَّ عليه هو الأصل في الباب، وأما حديث أبي سعيد المشار إليه، ففيه إعلال ـ كما سيأتي ـ، لايستقيم لطرح حديث الصحيحين، ودلالته، ولو مع ظهور الإدراج من قول الزهري في رواية معمر المخرَّجة في «مصنف عبدالرزاق»، وغيره.
وللباحث المغربي: محمد العمراني حلحول الحسني الغرناطي، كتاب مفرد عن مظلومية الزهراء، سمَّاه: «ترياق السموم لإبطال فرية الهجوم» ــ لم يطبع بعد ـ، وقد نشر جزءاً منه يتعلق بهذه المسألة ـ محل البحث ـ في موقع: «ملتقى أهل الحديث» في الشبكة العالمية.