للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنه نصُّ - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا يُورث، وأن الذي تركه صدقةٌ، فقَبِلَتْ ذلك، ولم تَشتُمْ ـ وحاشاها ـ أبا بكر، ولا كذَّبتْهُ فيما رواهُ، ولا كرَّرَتْ الطلَبَ بعد ذلك؛ فما معنى غضبها وهجرها له؟ !

وإنْ كان الأمران قد صارَا قطعيين عند المتعصبين، بل عند الناس أجمعين، حتى قال القائل من الآل:

أتموت البتول غَضْبَى ونَرْضَى ... ما كذا تفعل البنون الكرام). (١)

وقال الصنعاني أيضاً: (وقولُ عائشة: «أنها غضِبَتْ وهَجَرَتْ» محمولٌ على فهمِهَا ذلك من القرائن؛ والفهمُ منها يُخطُئ ويُصيبُ، وليس كالرواية بالمعنى، فإنَّها عن لفظٍ سمعَهُ الراوي فعبَّر عنه بلفظ مرادفٍ له، بخلافِ هذه القصَّة، فإنَّه عبَّر عنها بما فِهَمَهُ من القرائن، لا عنْ لفظٍ صدَرَ مِن البَتُولِ دَالٍّ على غَضبِهَا، ومَا كُلُّ قرينةٍ صَحِيحَةٍ، سِيَّما عن الأمرِ الوجدانيِّ القَلْبِيِّ، فَليَتَأمَّل مَنْ لَهُ إنصَافٌ وإخلاصٌ، وكيفَ تغضَب بَضْعَةُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الحقِّ؟ ! ــ حاشا ــ). (٢)

قلت: لو قالها أجنبي عنها، لاحتمل تخطئة فهمه، لكن قالتْها امرأةٌ من النساء، بل أفقَهُ النساء عائشة - رضي الله عنها -، وهي ملازمةٌ لفاطمةَ حياةَ النبيِّ


(١) «التحبير لإيضاح معاني التيسير» (٣/ ٧٦٤).
(٢) «التحبير لإيضاح معاني التيسير» (٣/ ٧٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>