ولا يجوز أن يكون قعود عليٍّ في بيته على وجه الكراهية لإمارته، ففي رواية الزهري: أنه بايَعَهُ بعدُ، وعظَّمَ حقَّه، ولو كان الأمر على غير ما قلنا، لكانت بيعته آخر خطَأً.
ومَن زعم أنَّ علياً بايعه ظاهراً وخالفه باطناً، فقد أساءَ الثناءَ على عليٍّ، وقال فيه أقبح القول، وقد قال عليٌّ في إمارته وهو على المنبر: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعدَ نبيِّهَا - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: بلى، قال: أبو بكر ثم عمر.
ونحن نزعم أن عليَّاً كان لا يفعل إلا ما هُو حقٌّ، ولا يقول إلا ما هو صِدقٌ، وقد فعلَ في مبايعة أبي بكر ومؤازرة عمر ما يليق بفضلِه، وعلمِه، وسابقَتِهِ، وحُسْنِ عقيدته، وجميلِ نيتِه في أداء النُّصحِ للراعي والرعية، وقال في فضلهما ما نقلناه في كتاب «الفضائل»، فلا معنى لقولِ مَنْ قال بخلاف ما قالَ وفعَلْ.
وقد دخل أبو بكر الصديق على فاطمةَ في مرضِ موتها وترضَّاها حتى رضيَتْ عنه، فلا طائل لسُخْطِ غيرها ممن يدَّعِي موالاة أهل البيت، ثم يطعن على أصحابِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ويُهجِّنُ مَن يواليه، ويرميه بالعجز والضعفِ واختلافِ السرِّ والعلانية في القول والفعل، وباللَّهِ العصمة والتوفيق). (١)