كان الشيخان الخليفتان الراشدان الباران: أبو بكر، وعمر - رضي الله عنهما - يعتنيان بفاطمة وأولادها غاية العناية، وقد طلبت فاطمة من أبي بكر أمرين: ميراثها، وأن يتولى زوجها صدقات النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرها أبو بكر بالشرع الوارد، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يُورث، وأما الصدقات فإنه يتولاها خليفة الرسول، ويعمل فيها كما كان يعمل فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وخيراً فعل - رضي الله عنه -.
لم يحصل لفاطمة - رضي الله عنها - ما طلَبَتْهُ، وعتَبَتْ على أبي بكر، فهجَرتْهُ حتى ماتَتْ، كما ذكرَتْ ذلك عائشةُ - رضي الله عنها - وهي بهذا أعلم، وحديثها في «الصحيحين»، لم ينكر أحدٌ من الأئمةِ صِحة ما ورد فيه، إلا بعضُ المعاصرين الذين طعَنوا في عدد من الجُمَل الواردة فيه، ومنها: هَجْرُ فاطمة أبا بكر - رضي الله عنهما -، ولم يكن معهم حجة فيما ذهبوا إليه من القدح في الحديث.
لم يكن لفاطمة ولا نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من نساء المسلمات رأيٌ في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه -، بل أمرُ الإمامة وعَقْدِها للرجال باتفاق العلماء، ولم يَظهر من فاطمة أيُّ خِلافٍ أو رأيٍ في ذلك.
كان عمر يقدِّم آل البيت في العطاء، وقد أظهر محبته لفاطمة، وبيَّن مكانتها عنده، وأخبرها بخطأ اجتماع نفَرٍ من الرجال عند زوجها - رضي الله عنه - في الأيام الأولى من البيعة، والبيعةُ قد قامت لأبي بكر، فأمرَها عمرُ بعدم