وقال ابنُ حزم (١): (الذي صَحَّ مِن فضائل عليٍّ، فهو قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أنتَ مِنِّي بمَنزِلَةِ هَارون مِن مُوسى، إلا أنه لا نَبِيَّ بَعدِي»، وقولُه:«لأُعطِيَنَّ الرايةَ غدَاً رجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ ورسُولَهُ، ويحبُّهُ اللَّهُ ورَسُولُه». وهذه صفةٌ واجِبةٌ لكُلِّ مُسلِمٍ ومُؤمِنٍ وفَاضِلٍ، وعَهْدُهُ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ عَلِياً «لا يحبُّهُ إلا مُؤمِنٌ، ولا يُبغِضُهُ إلا مُنافِقٌ». وقد صحَّ مِثلُ هذا في الأنصار أنهم:«لا يُبغِضُهُمْ مَنْ يُؤمِنُ باللَّه، واليومِ الآخر».
قال: وأمَّا «مَن كنت مولاه فعليٌّ مَولاه»، فلا يصحُّ من طريقِ الثقات أصلاً، وأما سائرُ الأحاديث التي يتعلَّقُ بها الروافِضُ، فمَوضُوعَةٌ، يَعرِفُ ذلك مَن له أدنى عِلْمٌ بالأخبار ونَقْلِهَا).
فإنْ قِيل: لم يَذكُر ابنُ حزم ما في «الصحيحين» مِن قَولِه: «أنت مني، وأنا منك»، وحديثَ المباهَلَة، والكِسَاء.
قيل: مَقصودُ ابنِ حزم: الذي في الصحيح من الحديث الذي لا يُذكَرُ فيه إلا عَليٌّ، وأما تلك ففِيهَا ذِكْرُ غيرِه، فإنه قال لجعفر:«أشبَهْتَ خَلْقي وخُلُقِي»، وقال لزيد:«أنتَ أخُونا ومَولانا»، وحديثُ المباهَلَةِ، والكِسَاءِ فيهما ذِكْرُ عَلي، وفَاطِمَةَ، وحَسَنٍ، وحُسَين - رضي الله عنهم -، فَلا يَرِدُ هذا عَلى ابنِ حَزْم .... ]
(١) لايزال النقل من «منهاج السنة» لابن تيمية، وكلامُ ابن حزم في «الفَصْل في الملل والنحل» ـ ط. الفضيلة ـ (٤/ ٤٧٠).