«مَوْتُ المُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ يَبْقَى عَلَيْهِ الْبَقِيَّةُ مِنَ الذُّنُوبِ فَيُجَازَى بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ يُشَدَّدُ لِيَتَمَحَّصَ عَنْهُ ذُنُوبُهُ». هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي «التَّذْكِرَةِ» وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى مَنْ خَرَّجَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
وَقِيلَ: إِنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ يَكُونُ مِنَ الْحَيَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّ المُؤْمِنَ إِذَا جَاءَتْهُ الْبُشْرَى مَعَ مَا كَانَ قَدِ اقْتَرَفَ مِنَ الذُّنُوبِ؛ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ خَجَلٌ وَاسْتِحْيَاءٌ مِنَ اللَّه تَعَالَى؛ فَيَعْرَقُ بِذَلِكَ جَبِينُهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي «التَّذْكِرَةِ»: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّمَا يَعْرَقُ جَبِينُهُ؛ حَيَاءً مِنْ رَبِّهِ، لِمَا اقْتَرَفَ مِنْ مُخَالَفَتِهِ، لِأَنَّ مَا سَفَلَ مِنْهُ قَدْ مَاتَ، وَإِنَّمَا بَقِيَتْ قُوَى الْحَيَاةِ وَحَرَكَاتُهَا فِيمَا عَلَاهُ، وَالْحَيَاءُ فِي الْعَيْنَيْنِ، فَذَاكَ وَقْتُ الْحَيَاءِ؛ وَالْكَافِرُ فِي عَمًى مِنْ هَذَا كُلِّهِ، وَالمُوَحِّدُ المُعَذَّبُ فِي شُغْلٍ عَنْ هَذَا بِالْعَذَابِ الَّذِي قَدْ حَلَّ بِهِ؛ وَإِنَّمَا الْعَرَقُ الَّذِي يَظْهَرُ لِمَنْ حَلَّتْ بِهِ الرَّحْمَةُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَليٍّ وَلَا صِدِّيقٍ وَلَا بَرٍّ إِلَّا وَهُوَ مُسْتَحٍ مِنْ رَبِّهِ مَعَ الْبشْرَى وَالتُّحَفِ وَالْكَرَامَاتِ.
قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَرَقَ الْجَبِينِ عَلَامَةٌ جُعِلَتْ لِمَوْتِ المؤمِنِ وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ مَعْنَاهُ].
والكلامُ الذي عزاهُ القرطبيُّ لبعض العلماء هو للحكيم الترمذي في ... «نوادر الأصول» بتصرُّفٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute