وقالت جارية لهم سوداء نوبية: إنْ عافا اللَّهُ سَيِّدَيَّ؛ صُمْتُ مع مواليَّ ثلاثة أيام.
فأصبحوا قد مسَحَ اللَّهُ ما بالغلامين، وهُم صيامٌ، وليس عندَهم قَليلٌ ولا كَثيرٌ.
فانطلقَ عليٌّ إلى رجُلٍ من اليهود، يُقال له: جار بن شمر اليهودي، فقال: له أَسْلِفْنِي ثلاثةَ آصُعٍ من شعير، وأعطِنِي جِزَّةً من صُوفٍ تَغزِلُها لَكَ بنتُ محمد.
قال: فأعطاهُ، فاحتملَه عليٌّ تحتَ ثوبه، ودخلَ عَلَى فاطمةَ، وقال: دُونَكِ فاغْزِلي هذا، وقامَتْ الجارية إلى صاعٍ من الشعير فطحنَتْهُ وعجَنَتْهُ فخَبزَتْ منه خمسةَ أقراص، وصلَّى عليٌّ المغربَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ورجَعَ فوضَعَ الطعامَ بين يديه، وقعَدُوا ليُفْطِرُوا، وإذا مِسكينٌ بالباب يقول: يا أهلَ بيتِ محمد، مسكينٌ مِن مساكين المسلمين على بابِكم، أطعمُوني مما تأكلُون ... أطعمَكم اللَّه على موائد الجنة، قال: فرفع عليٌّ يده، ورفَعَتْ فاطمةُ والحسن والحسين.
وأنشأَ يقولُ:
فاطم ذات السداد واليقين ... أما ترين البائس المسكين
قد جاء إلى الباب له حنين ... يشكو إلى اللَّهِ ويستكين
حُرمت الجنة على الضنين ... يهوى إلى النار إلى سجين