قال د. أكرم ضياء العُمري: (ونظراً لأن المصادرَ المتعلِّقَة بالحديث والعلوم الشرعية، والتاريخ الإسلامي، معظمها يسرد الروايات بالأسانيد، فلابُدَّ من تحكيم قواعد علماء المصطلح في نقد هذه الروايات، مع عدم التخلي عن الروايات التي لاتصل إلى مستوى الصحة الحديثية؛ ففي الأبحاث التاريخية تُعتبر الروايات المسندة من طُرُقِ رُوَاة لايبلغون مستوى الثقات، أفضلُ من الروايات والأخبار غير المسندة؛ لأن فيها مايدل على أصلها، ويُمكن من التحكم بنقدها وفحصها بصورة أفضل من الأخبار الخالية من المسند.
أما في الدراسات المتصلة بالعقيدة، والشريعة، فلابد من الاعتماد فيها على الروايات والأحاديث الصحيحة، ونقد وبيان الضعيفة منها، وستسلم في هذا الجانب أحاديث صحيحة على شرط المحدِّثين تكفي لبيان العقيدة وأحكام الشريعة؛ لأن المحدثين أولوا الأحاديث عنايةً كبيرة، وأحاطوا رواتها بدراسة دقيقة واسعة، واهتموا بطُرُقِ تحمُّلِها وأدائها، فإذا طُبِّقَتْ قواعِدُهُم على الأحاديث فهي أهل لذلك، لما بلغته من الدقة والإتقان.
أما اشتراط الصحة الحديثية في قبول الأخبار التاريخية التي لاتمس العقيدة، والشريعة؛ ففيه تعسُّفٌ كثير، والخطرُ الناجِمُ عنه كبير؛ لأن الروايات التاريخية التي دوَّنها أسلافنا المؤرِّخُون لم تُعامَل معاملةَ الأحاديث، بل تم التساهُل فيها، وإذا رفضنا منهجهم فإنَّ الحلقات الفارغة في تاريخنا