أبي بكر - رضي الله عنه - فيما ذكرناه بأنه مخالف للقرآن حيث يقولُ اللهُ تعالى: ... {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} ... الآية. (النمل: ١٦).
وحيث قال تعالى إخباراً، عن زكريا أنه قال: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} (مريم: ٥ ــ ٦) إنما يعني بذلك في الملك والنبوة؛ أي جعلناه قائماً بعده فيما كان يليه من الملك وتدبير الرعايا، والحكم بين بني إسرائيل، وجعلناه نبيا كريماً كأبيه، فكما جمع لأبيه الملك والنبوة كذلك جعل ولده بعده، وليس المراد بهذا وراثة المال؛ لأن داود كما ذكره كثيرُ من المفسرين كان له أولادٌ كثيرون يقال: مئةُ ولَدٍ. فلِمَ اقتصَرَ على ذكر سليمان من بينهم لو كان المراد وراثة المال؟
إنما المراد وراثة القيام بعده في النبوة والملك، ولهذا قال:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}(سورةالنمل، آية: ١٦). وما بعدها من الآيات. وقد أشبعنا الكلام على هذا في كتابنا «التفسير»(١) بما فيه كفاية، وللَّهِ الحمدُ والمنة كثيراً.
وأما قصة زكريا فإنه - عليه السلام - من الأنبياء الكرام، والدنيا كانت عنده أحقر من أن يسأل اللهَ ولداً ليرثه في ماله، كيف وإنما كان نجاراً يأكل من كسب يده؟ ! كما رواه البخاري.