للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما دليلهم من السنة، فعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ الله عَنِ السَّمْنِ، وَالْجُبْنِ، وَالْفِرَاءِ قَالَ: «الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ الله فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» (١).

وجه الدلالة: (وَمَا سَكَتَ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ) يدل على أن إنفحة الميتة طاهرة لأنه فيها تحريم. واعترض عليه بأن الحديث لا يصح.

وأما دليلهم من المأثور: فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: ذَكَرْنَا الْجُبْنَ عِنْدَ عُمَرَ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّهُ يُصْنَعُ فِيهِ أَنَافِح الْمَيْتَةِ. فَقَالَ: سَمُّوا عَلَيْهِ وَكُلُوهُ (٢).

وعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ: أَنَّ طَلْحَةَ كَانَ يَضَعُ السِّكِّينَ، وَيَذْكُرُ اسْمَ اللهِ، وَيَقْطَعُ وَيَأْكُلُ (٣).

القول الثاني: ذهب جمهور العلماء إلى نجاسة الإنفحة، وبه قال المالكية، والشافعية، والحنابلة في المشهور عنهم (٤).


(١) ضعيف: رواه الترمذي (١٧٢٦)، وابن ماجه (٣٣٦٧) من طريق سيف عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان مرفوعًا، والحديث فيه علتان:
الأولى: في إسناده سيف بن هارون: ضعيف.
الثانية: وخالفه سفيان بن عيينة: فرواه عن التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفًا، ذكره الترمذي (١/ ١٩٢)، وقال: وكأن الحديث الموقوف أصح، وسألت البخاري عن هذا الحديث فقال: ما أُراه محفوظًا، روى سفيان عن التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان موقوفًا، وسئل أبو حاتم عن هذا الحديث «العلل» (٢/ ١٠)، فقال: رواه الثقات، عن التيمي، عن أبي عثمان، عن النبي مرسل، ليس فيه سلمان، وهو الصحيح.
(٢) صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ١٠٠)، عن أبي معاوية عن الأعمش، عن شقيق، عن عمرو به.
(٣) صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ١٠٠)، عن الفضيل بن دُكين، عن عمرو بن عثمان، عن موسى به. وورد عن الحسن بن علي أنه سئل عن الجبن، فقال: لا بأس به، ضع السكين، واذكر اسم الله عليه وكل. أخرجه ابن أبي شيبة (٨/ ١٠٠)، وهو ضعيف. في إسناده: جحش مجهول.
(٤) «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٢٠)، و «روضة الطالبين» (١/ ١٦)، و «المبدع» (١/ ٧٤).

<<  <   >  >>