للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب الحنفية إلى أن الجنب إذا انغمس في البئر بنية رفع الحدث، فسد الماء (١).

وذهب المالكية إلى أنه إذا غمس يده في إناء بنية رفع الحدث صار مستعملًا، وإن كان أكثر من ذلك لم يكن مستعملًا (٢).

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه إذا انغمس في ماء دون القلتين صار مستعملًا، وإلا فلا (٣).

الصورة الثالثة: وضوء الرجال والنساء من إناء واحد، ووقوع بعض الماء المستعمل في الإناء وما يتعلق من أحكام.

تفصيل ذلك فيما يلي:

[المبحث الأول: حكم الماء المستعمل المنفصل من أعضاء المتوضئ أو المغتسل.]

اختلف أهل العلم في حكم الماء المستعمل على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الماء المستعمل طهور، وبه قال المالكية، ورواية عن الحنابلة (٤).

واستدلوا بالقرآن والسنة والمعقول:

أما دليلهم من القرآن: فعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، «ماء» نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء، سواءٌ كان الماء مستعملًا أو غير مستعمل، والله أوجب التيمم على من لم يجد الماء.

وأما دليلهم من السنة: ففي الصحيحين عن عائشة قالت: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ


(١) «البحر الرائق» (١/ ٩٥)، و «المبسوط» (١/ ٥٣).
(٢) «حاشية الدسوقي» (١/ ٧٥ - ٧٦)، و «الاستذكار» (١/ ٢٥٣).
(٣) «المجموع» (١/ ٢١٥)، وقال ابن قدامة في «المغني» (١/ ٣٠٠): إذَا انْغَمَسَ الْجُنُبُ أَوْ الْمُحْدِثُ فِيمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ، صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَلَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِارْتِفَاعِ حَدَثِهِ فِيهِ ..
(٤) «الشرح الصغير» (١/ ٣٧)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٧٤)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٥).

<<  <   >  >>