للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَسَدِهِ المَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. فتوضأ ولم يغسل رجليه ثم اغتسل ثم غسل رجليه، و (ثم) تفيد الترتيب، فدل ذلك على استحباب تأخير الرجلين في غسل الجنابة.

وفي القول الراجح عند المالكية والمشهور من مذهب الشافعية (١) أن غسل القدمين يكون مع الوضوء.

واستدلوا بحديث عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، يراد به الوضوء الكامل ومنه غسل الرجلين مع الوضوء ولم يرد في حديث عائشة أنه أخر غسل الرجلين.

واعترض عليه بأن حديث عائشة مجمل وحديث ميمونة مبين، وإذا تعارض المجمل والمبين قُدم المبين والله أعلم.

[المبحث الثامن: الموالاة في غسل الجنابة.]

فيه: قولان لأهل العلم:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن الموالاة سنة (٢).

واستدلوا بأن غسل النبي كان متواليًا، ولم ينقل عنه أنه فَرَّق غسله. فهذا دليل الاستحباب، والواجب في الغسل «تعميم الجسد بالماء مع النية» هذا الفرض، دل على ذلك قول النبي: «خُذْ هَذَا فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ».

وفي حديث ميمونة «ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ غَيْرَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ المَاءَ، ثُمَّ تَنَحَّى، فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ» فإذا جاز عدم الموالاة بين أعضاء الوضوء في الغسل فيتوضأ ثم يغتسل ثم يغسل رجليه ولم يكن هناك موالاة بين غسل الرأس وغسل الرجلين؛ فدل ذلك على أن الموالاة مستحبة.

قال ابن حزم: وإذا جاز أن يجعل رسول الله بين وضوئه وغسله وبين تمامها بغسل رجليه


(١) أسهل المدارك (١/ ٦٧) المعونة (١/ ١٣٢) روضة الطالبين (١/ ٨٩).
(٢) حاشية ابن عابدين (١/ ١٥٦) المجموع (٢/ ٢١٣) الإنصاف (١/ ٢٥٧).

<<  <   >  >>