للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ» (١).

الشرط الرابع: لُبس الخفين بعد كمال الطهارة:

إذا توضأ وبعد غسل رجله اليمنى لبس فيها الخف ثم اليسرى لبس فيها الخف فطهارته صحيحة، ولكن إذا أحدث وأراد أن يتوضأ فهل يصح له المسح على الخفين؟

ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يمسح على الخفين؛ لأنه إذا غسل رجله اليمنى ثم ألبسها الخف قبل أن يغسل اليسرى فقد لبس الخف قبل تمام الطهارة، وشرط لبس الخف لكي يمسح عليه أن يكون بعد كمال الطهارة، أي بعد أن ينتهي من غسل الرجل اليسرى، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث المغيرة، قال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا؛ فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ». فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.


(١) ضعيف: أخرجه عبد الرزاق (٩١٣)، وأحمد (٥/ ١٥٥) وغيرهما، وفي إسناده: عمرو بن بجدان وثقه العجلي وذكره ابن حبان في الثقات، وصحح هذا الحديث الترمذي والحاكم، وذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: عمرو بن بجدان معروف؟ قال: لا. وقال ابن حجر: لا يُعرف حاله. وقد ضَعَّفه ابن القطان وبَيَّن الاختلاف فيه فقال في كتابه «الوهم والإيهام» (٣/ ٣٢٧): لَا يُعرف لعَمْرو بْن بجدان هَذَا حَال، وَإِنَّمَا روى عَنهُ أَبُو قلَابَة، وَاخْتلف عَنهُ: فَيَقُول خَالِد الْحذاء: عَنهُ، عَنْ عَمْرو بن بجدان، وَلَا يخْتَلف فِي ذَلِك على خَالِد. وَأما أَيُّوب فَإِنَّهُ رَوَاهُ عَنْ أبي قلَابَة، فَاخْتلف عَلَيْهِ: فَمنهمْ من يَقُول: عَنهُ عَنْ أبي قلَابَة، عَنْ رجل من بني عَامر. وَمِنْهُم من يَقُول: عَنْ رجل فَقَط. وَمِنْهُم من يَقُول: عَنْ رَجَاء بن عَامر. وَمِنْهُم من يَقُول: عَنْ عَمْرو بن بجدان، كَقَوْل خَالِد. وَمِنْهُم من يَقُول: عَنْ أبي الْمُهلب. وَمِنْهُم من لَا يَجْعَل بَينهمَا أحدًا، فَيَجْعَلهُ عَنْ أبي قلَابَة، عَنْ أبي ذَرٍ. وَمِنْهُم من يَقُول: عَنْ أبي قلَابَة أَنْ رجلًا من بني قُشَيْر، قَالَ: يَا نَبِي الله. هَذَا كُله اخْتِلَاف على أَيُّوب فِي رِوَايَته إِيَّاه عَنْ أبي قلَابَة، وجميعه فِي علل الدَّارَقُطْنِيّ وسننه، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف لَا شكّ فِيهِ. وله شاهد من حديث أبي هريرة: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ: الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فليتَّقِ اللهَ وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ، فإن ذلك خير»، رواه البزار، وقال الحافظ «التلخيص» (١/ ٢٧١): صححه ابن القطان لكن قال الدارقطني في «العلل»: إن إرساله أصح.
(٢) «حاشية الدسوقي» (١/ ١٤٣)، «الأم» (١/ ١٢٤)، «مسائل ابن هانئ» (١/ ٢٠).

<<  <   >  >>