للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والراجح أنه لا يجب غسل فرج المستحاضة عند كل وضوء، والأمر بالاغتسال وغسل الفرج معلق بانقضاء الحيضة وإدبارها، ويستحب للمستحاضة غسل الفرج وحشوه وشده في كل فترة من الزمان من باب التنظيف على حَسَب اليسر والاستطاعة لعموم قوله: «فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ».

[المبحث السابع: شد عصابة على فرجها عند الوضوء]

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يجب على المستحاضة أن تغسل فرجها قبل الوضوء أو التيمم وتحشوه بقطنة أو خرقة دفعًا للنجاسة، فإن اندفع به الدم وإلا شدت مع ذلك خرقة في وسطها، ولجمت فرجها قدر الإمكان لكيلا لا يسيل الدم وذلك لكل صلاة وبه قال الحنفية والشافعية والحنابلة (١).

واستدلوا لذلك بما روى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهَرَاقُ الدِّمَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله ، فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ الله ، فَقَالَ: «لِتَنْظُرْ إِلَى عَدَدِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ، قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ ثُمَّ لِتُصَلِّي» (٢).

قوله: «ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ» قال ابن منظور وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا بِخِرْقَةٍ عَرِيضَةٍ أَوْ قُطْنَةٍ تَحْتَشِي بِهَا وتُوثِقَ طَرَفَيْهَا فِي شَيْءٍ تَشُدُّه عَلَى وَسَطِهَا فَتَمْنَعُ سَيَلَانَ الدَّمِ، وهوَ مأْخؤذٌ مِنْ ثَفَرِ الدَّابَّةِ الَّذِي يُجْعَلُ تَحْتَ ذَنَبِهَا (٣).

واستدلوا بحديث حمنة بنت جحش وفيه. فقلت: يا رسول الله إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ. قَالَ: «أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ


(١) البحر الرائق (١/ ٢٢٧)، وروضة الطالبين (١/ ١٣٧)، والمغني (١/ ٤٢١).
(٢) ضعيف: أخرجه مالك (الموطأ) (١/ ٦٢).
(٣) اللسان (٤/ ١٠٥).

<<  <   >  >>