للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعترض عليه بأنه لا يصح عن رسول الله.

الحاصل: ذهب جمهور العلماء إلى كراهة الكلام في الخلاء لغير حاجة، وإن كان الحديث الوارد في الباب ضعيفًا لكن لا ينبغي الكلام في مثل هذه الحالة إلا لحاجة.

المبحث الثاني: يُكره الاستنجاء باليد اليمنى:

ذهب جمهور العلماء إلى كراهة مس الفرج باليمين، وكذا كراهة الاستنجاء باليمين (١). واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث أبي قتادة: عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ» (٢).

وعن سَلْمَانَ قال: لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ.

وحَمَل الجمهور النهي على الكراهة وعللوا ذلك بأن القرينة الصارفة هي أنه أدب من الآداب. قالوا: لأنه لو استنجى باليمين فإذا أراد أن يأكل بيمينه فقد يتأذى بذلك.

وذهب بعض الحنفية وابن حزم والشوكاني إلى أنه يحرم مس الفرج باليمين حال البول، وكذا الاستنجاء باليمين (٣).

واستدلوا بعموم هذه الأحاديث وأن النهي للتحريم.

وذهب بعض الحنابلة وبعض الشافعية (٤) إلى أنه يكره مس الذكر باليمين ويحرم الاستنجاء بها. واستدلوا بأن الاستنجاء فيه مباشرة للنجاسة وهو أقبح من مس الذكر لأنه طاهر. واعترض عليه: بأن مس الذكر حال البول قد تتنجس اليد.

الحاصل أن جمهور العلماء يحمل الكثير من النصوص في الفضائل والآداب في الأمر


(١) بدائع الصنائع (١/ ١١٩)، وشرح فتح القدير (١/ ٢١٦)، ومواهب الجليل (١/ ٢٩٠)، والخرشي (١/ ١٤١)، والمجموع (٢/ ١٢٥)، والمغني (١/ ١٠٣).
(٢) البخاري (١٥٤) ومسلم (٢٦٧).
(٣) البحر الرائق (١/ ٢٥٥)، المحلى (١/ ١٠٨)، ونيل الأوطار (١/ ١٠٦).
(٤) الفروع (١/ ٩٣).

<<  <   >  >>