للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ذكر واقعة عمر مع عثمان، وقال: فلَمَّا لم يتركْ «عثمان» الصلاة للغسل، ولمَّا لمْ يأمره «عمر» بالخروج للغسل: دلَّ ذلك على أنهما قد عَلِمَا أن أمْرَ رسول الله بالغسل على الاختيار (١).

وقال الحافظ: وَقَدْ نَقَلَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بِدُونِ الْغُسْلِ مُجْزِئَةٌ، لَكِنْ حَكَى الطَّبَرِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ قَالُوا بِوُجُوبِهِ وَلَمْ يَقُولُوا إِنَّهُ شَرْطٌ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ، كَأَنَّ أَصْلَهُ قَصْدُ التَّنْظِيفِ وَإِزَالَةُ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ الَّتِي يَتَأَذَّى بِهَا الْحَاضِرُونَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ (٢).

القول الثالث: أن غسل الجمعة واجب على من كان به رائحة كريهة (٣). دل على ذلك ما ورد في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ ، قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالعَوَالِيِّ، فَيَأْتُونَ فِي الغُبَارِ يُصِيبُهُمُ الغُبَارُ وَالعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمُ العَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ : «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا» فأذية المسلمين محرمة

الحاصل: أن غسل الجمعة مستحب عند جماهير العلماء، وقد يجب الاغتسال على من كان به رائحة كريهة، وإذا كان من أكل بصلاً أو ثومًا يعتزل المسجد، فكذلك من كان له رائحة كريهة فليغتسل لعدم أذية المسلمين والملائكة المقربين، وإذا كان التدخين حراماً، فينبغي لمن يدخن أن يغسل أسنانه ويحاول أن يضع منظفات لئلا تشم من فمه رائحة كريهة.

[المطلب الثاني: وقت غسل الجمعة]

اختلف أهل العلم على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة (٤).


(١) الرسالة (ص ٣٠٣).
(٢) فتح الباري شرح حديث (٨٧٩).
(٣) الإنصاف (١/ ٢٤٧).
(٤) حاشية العدوي (١/ ٣٧٩)، إعانة الطالبين (٢/ ٧٢) كشاف القناع (١/ ١٥٠).

<<  <   >  >>