للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الرابع: هل يستحب الاغتسال للوقوف بمزدلفة ورمي الجمار؟]

ذهب جمهور العلماء إلى استحباب الاغتسال لمزدلفة ورمي الجمار (١).

قال الشافعي: وأُحب له أن يغتسل لرمي الجمار والوقوف بعرفة والمزدلفة (٢).

والراجح: ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ فِي الْحَجِّ إلَّا ثَلَاثَةُ أَغْسَالٍ: غُسْلُ الْإِحْرَامِ وَالْغُسْلُ عِنْدَ دُخُولِ مَكَّةَ وَالْغُسْلُ يَوْمَ عَرَفَةَ. وَمَا سِوَى ذَلِكَ كَالْغُسْلِ لِرَمْيِ الْجِمَارِ وَلِلطَّوَافِ وَالْمَبِيتِ بمزدلفة فَلَا أَصْلَ لَهُ لَا عَنْ النَّبِيِّ ولا عَنْ أَصْحَابِهِ (٣).

[القسم الثالث: أغسال أخري مستحبة، وفيه أربعة مباحث]

[المبحث الأول: استحباب غسل من أسلم]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن الكافر إذا أسلم يستحب له الغسل، وإذا جامع زوجته ولم يغتسل فيجب عليه الغسل (٤).

واستدلوا بأن الكافر إذا بال ولم يتطهرفيجب عليه أن يتطهر إذا أسلم، فإن كان هذا من الحدث الأصغر فالحدث الأكبر أَوْلى.

واعترض عليه بعموم قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ والاسلام يَجُبُّ ما قبله. رواه مسلم.

وأجيب بما قاله النووي: أما الآيةُ والحَدِيثُ فالمُرادُ بهَما غُفَرانُ الذّْنُوبِ، فَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ كان عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ قِصَاصٌ لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِ. وَلِأَنَّ إيجَابَ الْغُسْلِ لَيْسَ مُؤَاخَذَةً وَتَكْلِيفًا بِمَا وَجَبَ فِي الْكُفْرِ. بَلْ هُوَ إلْزَامُ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ جُنُبٌ


(١) شرح فتح القدير (١/ ٦٦)، المجموع (٢/ ٢٣٤) الإنصاف (١/ ٢٥٠).
(٢) الأم (٢/ ٢٢١).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٦/ ١٣٢).
(٤) بدائع الصنائع (١/ ٩٠) حاشية الدسوقي (١/ ١٣١/ ١٣٢) الحاوي (١/ ٢١٧).

<<  <   >  >>