للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الأول: ما كان أكثر علفها النجاسة، وهو قول الحنابلة، وقول للحنفية، وللشافعية (١).

قال ابن قدامة: قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهْ لُحُومَ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانَهَا. قَالَ الْقَاضِي: هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْقَذَرَ، فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ، حَرُمَ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا (٢).

القول الثاني: أن الجلالة هي ما كان علفها النجاسة ولم يخلط بغيره، وأنتن لحمها من ذلك (٣).

القول الثالث: أن المراد بالجلالة: ما ظهر ريح القذر في لحمها (٤).

قال ابن القيم: وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا عُلِفَتْ بِالنَّجَاسَةِ ثُمَّ حُبِسَتْ وَعُلِفَتْ بِالطَّاهِرَاتِ، حَلَّ لَبَنُهَا وَلَحْمُهَا.

قال الشيخ سيد سابق: والجلالة: هي التي تأكل العَذِرة، من الإبل، والغنم، والدجاج، وغيرها، حتى يتغير ريحها، فإن حُبست بعيدة عن العَذِرة زمنًا، وعُلفت طاهرًا فطاب لحمها وذهب اسم الجلالة عنها، حلت؛ لأن علة النهي والتغير قد زالتْ (٥).

[المطلب الثاني: حكم لحم الجلالة.]

اختلف أهل العلم في حكم الانتفاع بالجلالة؛ مِنْ أكل لحمها، وشرب لبنها، وركوب ظهرها على ثلاثة أقوال:


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٣٩)، و «المجموع» (٩/ ٣٠).
(٢) «المغني» (٩/ ٣٢٩).
(٣) قال السرخسي «المبسوط» (١١/ ٢٥٥): وَتَفْسِيرُ الْجَلَّالَةِ الَّتِي تَعْتَادُ أَكْلَ الْجِيَفِ وَلَا تُخْلَطُ فيتَغيَّرُ لَحْمُهَا، وَيَكُونُ لَحْمُهَا مُنْتِنًا فَحَرُمَ الْأَكْلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهَا لِتَأَذِّي النَّاسِ بِنَتْنِهَا، وَأَمَّا مَا يَخْلِطُ فَيَتَنَاوَلُ الْجِيَفَ وَغَيْرَ الْجِيَفِ عَلَى وَجْهٍ يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ مِنْ لَحْمِهِ، فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ.
(٤) قاله البيهقي «الشعب» (٥/ ١٩)، وقال النووي «المجموع» ٩/ ٣٠): وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِالرَّائِحَةِ وَالنَّتْنِ، فَإِنْ وُجِدَ فِي عُرْفِهَا وَغَيْرِهِ رِيحُ النَّجَاسَةِ فَجَلَّالَةٌ وَإِلَّا فَلَا.
(٥) «فقه السنة» (١/ ٣٧) تحقيق الشيخ/ مصطفى العدوي.

<<  <   >  >>