للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: ذهب الحنابلة إلى أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل والوضوء (١).

القول الثالث: ذهب المالكية والشافعية إلى أن المضمضة والاستنشاق سنة (٢):

واستدلوا بما روى البخاري من حديث عمران بن حصين الطويل وفيه الرجل الذي أصابته جنابة فأعطاه النبي إناء من ماء وقال له : «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ».

واستدلوا بما روى مسلم عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» فدل ذلك أن تعميم الجسد بالماء مع النية هذا هو الفرض، أما الوضوء ومنه المضمضة والاستنشاق، فهو السنة فهذا هو الراجح.

[المطلب السادس: هل يستحب غسل الرأس في وضوء الغسل أو المسح؟]

قال ابن رجب: غسل الرأس في الوضوء يجزئ عن مسحه، لكنه في الوضوء المفرد مكروه، وفي الوضوء المقرون بالغسل غير مكروه (٣).

والأحاديث الصحيحة التي وردت في صفة غسل النبي لم يذكر فيها مسح الرأس.

وفي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: «وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ مَاءً لِلْغُسْلِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَانِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ» فذكر وضوء النبي من مضمضة واستنشاق وغسل الوجه واليدين، ولم يذكر مسح الرأس، ثم أفاض على جسده ثم تحول من مكانه فغسل قدميه، فدل ذلك على أن السنة غسل الرأس في وضوء الغسل.

قال أبو داود: قِيلَ لِأَحْمَدَ: " يَمْسَحُ رَأْسَهُ - أَعْنِي: الْجُنُبَ - إِذَا تَوَضَّأَ؟ قَالَ: أَيُّ شَيْءٍ


(١) الفروع (١/ ١٤٤)، الإنصاف (١/ ١٥٢/ ١٥٣).
(٢) الخرشي (١/ ١٣٣)، منح الجليل (١/ ١٢٨)، الأم (١/ ٤).
(٣) شرح البخاري (١/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>