للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: تاريخ ابتداء الحيض.]

اختلف أهل العلم في تاريخ ابتداء الحيض على قولين:

القول الأول: أن ابتداء الحيض كان في حواء. ففي الصحيحين عن عائشة قالت: فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ حِضْتُ، فَدَخَلَ عَليَّ رَسُولُ اللهِ وَأَنَا أَبْكِي، قَالَ: «مَا لَكِ، أَنُفِسْتِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ .... » (١) الحديث.

قال الحافظ: وروى الْحَاكِم وابن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح عَنْ ابن عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَتْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبَنَاتُ آدَمَ بَنَاتُهَ (٢).

وعموم قوله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ [آل عمران: ١٥] أي التي لا تحيض فهذا في الجنة، أما في الدنيا منذ أهبط آدم وحواء إليها فحواء وبناتها يحضن

القول الثاني: أن ابتداء الحيض كان في نساء بني إسرائيل.

واستدلوا بما روى عبد الرزاق بسند صحيح عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ لَهَا الْخَلِيلُ تَلْبَسُ الْقَالَبَيْنِ تَطَوَّلُ بِهِمَا لِخَلِيلِهَا، فَأُلْقِيَ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضُ (٣)، فدل ذلك على أن بداية الحيض كانت في بني إسرائيل.

والجمع بين هذه الأدلة أن ابتداء الحيض كان في حواء وأن نساء بني إسرائيل لما عصين الله زادت أيام الحيض عند نسائهن.

قال ابن حجر: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ، بِأَنَّ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ.


(١) البخاري (٢٩٤) ومسلم (٩٨٨٢).
(٢) فتح الباري (١/ ٤٠٠).
(٣) المصنف (٥١١٥).

<<  <   >  >>