للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَشْرة سنة (١).

واستدلوا بما روى أبو نعيم من حديث أبي أمامة مرفوعًا: «ذَرَارِيُّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَ الْعَرْشِ شَافِعٌ وَمُشَفَّعٌ مَنْ لَمْ يَبْلُغِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمِنْ بَلَغَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً فَعَلَيْهِ وَلَهُ» (٢)، وظاهره بأن من جاوز اثنتي عشرة سنة فقد بلغ ويحاسب. واعترض عليه بأن هذا الحديث منكر.

والراجح أنه لا حد لأقل سن تحيض فيه المرأة، فإذا وجد دم الحيض فالمرأة حائض، دل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة: ٢٢٢] ولم يحد الله ورسوله سنًّا معينًا والله أعلم.

[المطلب الثاني: منتهى سن الحيض.]

اختلف أهل العلم في منتهى سن الحيض على أربعة أقوال:

القول الأول: لا حد لأكثر سن تحيض فيه المرأة، فالمرأة إذا رأت دم الحيض بصفاته فهو حيض، وهو قول أبي حنيفة في رواية، وابن رشد من المالكية، والماوردي من الشافعية، وابن تيمية من الحنابلة، وابن حزم (٣).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ فعلق الحكم بوجود دم الحيض بصفاته وليس له سن محدد ما لم تيأس من المحيض، وَالْيَأْسُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ﴾ لَيْسَ هُوَ بُلُوغُ سِنٍّ، لَوْ كَانَ بُلُوغُ سَنٍّ لَبَيَّنَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ تَيْأَسَ الْمَرْأَةُ نَفْسُهَا مِنْ أَنْ تَحِيضَ، فَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهَا وَيَئِسَتْ مِنْ أَنْ يَعُودَ فَقَدْ يَئِسَتْ


(١) شرح فتح القدير (١/ ١٦٠)، والإنصاف (١/ ٣٥٥)، والفروع (١/ ٢٦٥).
(٢) رواه أبو نعيم (أخبار أصبهان) (٢/ ١٥)، وله علتان:
الأولى: في إسناده: ركن بن عبد الله، منكر.
الثانية: مكحول لم يسمع من أبي أمامة، كما ذكره ابن أبي حاتم. المراسيل (ص ٢١٢).
(٣) حاشية ابن عابدين (١/ ٣٠٣، ٣٠٤)، ومقدمات ابن رشد (١/ ١٣٠)، والحاوي (١/ ٣٨٨)، ومجموع الفتاوى (١٩/ ٢٤٠)، والمحلى، مسألة (٢٦٥).

<<  <   >  >>