للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَوَى وَاسْكُتِي عَنِ الْعُمْرَةِ وَرِوَايَةِ مَنْ رَوَى أمْسِكِي عَنِ الْعُمْرَةِ أَيِ أمْسِكِي عَنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ لَا أَنَّهُ أَمْرٌ بِرَفْضِهَا وَابْتِدَاءِ الْحَجِّ وَإِنْشَائِهِ كَمَا زَعَمَ الْعِرَاقِيُّونَ (١).

وقال ابن القيم: قَوْلَهُ: «دَعِي الْعُمْرَةَ»، أَيْ دَعِيهَا، بِحَالِهَا لَا تَخْرُجِي مِنْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَرْكَهَا، قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: «يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ».

الثَّانِي: قَوْلُهُ: «كُونِي فِي عُمْرَتِكِ». قَالُوا: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى رَفْضِهَا لِسَلَامَتِهِ مِنَ التَّنَاقُضِ.

والحاصل: أن الجمع بين هذه الأحاديث أن عائشة أحرمت بالعمرة وأنها لم تترك العمرة بل تركت أعمالها وأدخلت الحج في العمرة، ودل على ذلك قول عائشة: «وَلَمْ أُهْلِلْ إِلاَّ بِعُمْرَةٍ»، كما في الصحيحين.

أما الجواب عن قوله: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ»، فهو ما قاله ابن القيم: قَوْلُهُ: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ» فعائشة أَحَبَّتْ أَنْ تَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ مُفْرَدَةٍ، فَأَخْبَرَهَا النَّبِيُّ أَنَّ طَوَافَهَا وَقَعَ عَنْ حَجَّتِهَا وَعُمْرَتِهَا، وَأَنَّ عُمْرَتَهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي حَجِّهَا، فَصَارَتْ قَارِنَةً، فَأَبَتْ إِلَّا عُمْرَةً مُفْرَدَةً كَمَا قَصَدَتْ أَوَّلًا، فَلَمَّا حَصَلَ لَهَا ذَلِكَ، قَالَ: «هِذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ» (٢).

[المطلب السادس: طواف الوداع يسقط عن الحائض.]

قال ابن المنذر: قال عامة الفقهاء بالأمصار: ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع (٣).


(١) «التمهيد» (٨/ ٢١٥، ٢١٦).
(٢) «زاد المعاد» (٢/ ١٦٩، ١٧٠).
(٣) نقله ابن حجر فتح الباري شرح حديث (١٧٥٨)، وتتمة كلامه: وروينا عن عمر بن الخطاب وابن عمر وزيد بن ثابت أمروها بالمقام إذا كانت حائضًا لطواف الوداع، وكأنهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الإفاضة إذ لو حاضت قبله لم يسقط عنها.
وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك وبقي عمر فخالفنا لثبوت حديث عائشة.

<<  <   >  >>