للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ (١). هذا الأثر لم أقف له على إسناد.

واستدلوا بالقياس فقالوا: كما لا يجب الترتيب في طهارة الجنابة فكذا في الوضوء.

واعترض عليه بأنه قياس مع الفارق لأن النبي هو المبين، والنبي أعطى لأحد الصحابة إناء وقال له: «أفرِغه عليك»، ولو انغمس الجنب في الماء ارتفع حدثه، بخلاف الوضوء فلو غسل أعضاءه دفعة واحدة لم يصح له.

والراجح هو وجوب الترتيب كما ذكر الله في كتابه من غسل الوجه فاليدين فالرأس فالرجلين، دل على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعات من الصحابة في صفة وضوء النبي، وكلهم وصفوه مرتبًا مع كثرتهم، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز.

[الفرض السادس: الموالاة]

أي تتابع غسل الأعضاء، بعضها إثر بعض، بألا يقطع المتوضئ وضوءه بعمل أجنبي، يُعد في العرف انصرافًا عنه (٢).

اتفق العلماء على أن التفريق اليسير بين أعضاء الوضوء لا يضر.

قال النووي (٣): التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لَا يَضُرُّ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.

واختلف العلماء في حكم الموالاة بين أفعال الوضوء على قولين:

القول الأول: تجب الموالاة. وهو مذهب المالكية والحنابلة وقول الشافعي في القديم (٤).

استدلوا بما روى مسلم عَنْ جَابِرٍ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ


(١) لم أقف له على إسناد: وقال النووي «المجموع» (١/ ٤٧١): إنه ضعيف لا يُعرف.
(٢) فقه السنة (١/ ٨١).
(٣) «المجموع» (١/ ٤٧٨).
(٤) «المدونة» (١/ ١٥)، و «المغني» (١/ ٩٣)، و «المجموع» (١/ ٤٧٨).

<<  <   >  >>