للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهبت الحنفية والمالكية إلى أنه يجزئه مع الإثم لأن النجاسة إذا أزيلت بأي مزيل فإنها تطهر.

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجزئه الاستنجاء بالمطعوم، واستدلوا بأن هذا الفعل مخالف لأمر الله ورسوله،؛ لأن الرخصة لا تباح بمعصية.

والراجح ما ذهب إليه الحنفية والمالكية من أنه يجزئه إذا أزيلت النجاسة مع الإثم.

[المطلب الخامس: يحرم الاستنجاء بالشيء المغصوب والمسروق]

لعموم قوله : «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ».

قال ابن حزم: مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ أَوْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ اغْتَسَلَ بِهِ أَوْ مِنْ إنَاءٍ كَذَلِكَ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلَامِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ ذَلِكَ الْمَاءَ وَذَلِكَ الإِنَاءَ فِي غُسْلِهِ وَوُضُوئِهِ حَرَامٌ (١).

[المبحث الثالث: يحرم الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار و ما يتعلق به: وفيه مطالب]

[المطلب الأول: هل يشترط في الاستجمار ثلاثة أحجار؟ اختلف أهل العلم على قولين]

القول الأول: لا يجب العدد، بل المعتبر الإنقاء ولو بحجر واحد، وإليه ذهب الحنفية والمالكية (٢).

واستدلوا لذلك بما روى البخاري عن عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَتَى النَّبِيُّ الغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الحَجَرَيْنِ، وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ» (٣).

قال الطحاوي: فَلَمَّا أَتَاهُ عَبْدُ اللهِ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ الْحَجَرَيْنِ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ رَأَى أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِهِمَا يُجْزِئُ مِمَّا يُجْزِئُ مِنْهُ الِاسْتِجْمَارُ بِالثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، لَمَا اكْتَفَى بِالْحَجَرَيْنِ


(١) المحلى (١/ ٢٠٧).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ١٩)، والمنتقى (١/ ٦٨)، والتمهيد (١/ ١٧).
(٣) البخاري (١٥٦).

<<  <   >  >>