للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القسم الثالث طهارة أشياء غير الإنسان والحيوان]

وفيه مبحثان

[المبحث الأول: طهارة الخمر.]

اختلف العلماء في نجاسة الخمرعلي قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى نجاسة الخمر، وهو قول الأئمة الأربعة (١). واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٩٠]. فالله وصف الخمر بأنها رجس، أي: نجسة نجاسة حسية.

واعترض عليه من وجوه:

الأول: أن الله قرن بين الخمر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، وإذا كان الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجسة نجاسة حسية، عُلم أن الخمر كذلك.

الثاني: أن في الآية قرينة تدل على أن الرجس يطلق على النجاسة المعنوية وليست الحسية، وهى قوله: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [المائدة: ٩٠]، وعمل الشيطان ليس حسيًّا، وإنما هو معنوي، أي: إن الشيطان يزين الخمر. وقد دلت آيات من الكتاب العزيز على أن الرجس يطلق على النجاسة المعنوية، وهي نجاسة الشرك، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [الأحزاب ٣٣]، وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ﴾ [التوبة: ١٢٥]، والآيات كثيرة.

الثالث: ما قاله النووي: وَلَا يَظْهَرُ مِنْ الْآيَةِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ الرِّجْسَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ


(١) «فتح القدير» (٩/ ٣١ - ٣٢)، و «المنتقى» (١/ ٤٣)، و «الأم» (١/ ٥٢)، و «المغني» (١/ ٤٩).

<<  <   >  >>