للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: حكم ختان الذكر.]

اختلف أهل العلم في حكم ختان الذكر على قولين:

القول الأول: أن الختان واجب في حق الرجال، وهو المشهور عن الشافعية، والحنابلة (١)، واستدلوا بأن إبراهيم اختتن وقد أُمرنا باتباعه، ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالقَدُّومِ» (٢)، فكون إبراهيم يختتن وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم يدل علي وجوبه.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] قَالَ: ابْتَلَاهُ اللهُ ﷿ بِالطَّهَارَةِ: خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ، وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ:

فِي الرَّأْسِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَالْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ، وَالسِّوَاكُ، وَفَرْقُ الرَّأْسِ.

وَفِي الْجَسَدِ: تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالْخِتَانُ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَغَسْلُ مَكَانِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ (٣). وقد أُمرنا باتباع ملة إبراهيم فقال تعالي: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ﴾ [الحج: ٧٨].

واعترض عليه بأن هذه الخصال منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب.

واستدلوا بعموم قول النبي : «إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» (٤). قوله : «وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ» تدل على وجوب الختان.

وعَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ جَاءَ النَّبِيَّ فَقَالَ: قَدْ أَسْلَمْتُ. فَقَالَ: «أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ» يَقُولُ: احْلِقْ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي آخَرُ مَعَهُ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِآخَرَ: «أَلْقِ


(١) المجموع (١/ ٣٤٩)، وتحفة المحتاج (٩/ ١٩٨)، والمحرر (١/ ١١).
(٢) البخاري (٣٣٥٦) ومسلم (٢٣٧٠).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه البيهقي (١/ ١٤٩).
(٤) مسلم (٣٤٩).

<<  <   >  >>