للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلوا بأنه لما حرم استعمال الإناء كان التطهر به معصية، دل ذلك على أنه لا يجزئ التطهر منه.

واعترض عليه: بأنه لا تلازم بين التحريم والصحة إلا إذا كان في ركن العبادة أو شرطها، أما إذا كان في أجنبي عنها لم يؤثر، كما لو صلى رجل وفي يده خاتم ذهب فهو محرم ويأثم مع صحة الصلاة.

قال شيخ الإسلام: وَالْإِنَاءُ فِي الطَّهَارَةِ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا؛ فَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا (١).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من صحة الطهارة مع الإثم، والنهي عن استعمال الآنية لم يكن عائدًا للوضوء وإنما هو لأمر خارج، والله أعلم.

[المطلب الرابع: حكم اتخاذ أواني الذهب والفضة.]

ذهب جمهور العلماء إلى أنه يحرم اتخاذ أواني الذهب والفضة، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المشهور عنهم (٢).

استدلوا بعموم قوله : «فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الآخِرَةِ»، مفهومه أنها ليست لكم في الدنيا، دل ذلك على تحريم الاتخاذ والاستعمال للمؤمنين في الدنيا (٣)، وإذا كانت العلة في الاستعمال السرف والخيلاء فهي موجودة في الاتخاذ (٤)، والاتخاذ ذريعة للاستعمال.

قال ابن عبد البر: مَعْلُومٌ أَنَّ مَنِ اتَّخَذَهَا لَا يَسْلَمُ مِنْ بِيعَهَا أَوِ اسْتِعْمَالِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَأْكُولَةً وَلَا مَشْرُوبَةً، فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا غَيْرَ اسْتِعْمَالِهِ (٥).


(١) «الفتاوى الكبرى» (١/ ٤٣٨).
(٢) «الاستذكار» (٢٦/ ٢٧٠)، و «المجموع» (١/ ٣٠٨)، و «الإنصاف» (١/ ٩٧).
(٣) «المنتقى» (٧/ ٢٣٦) للباجي.
(٤) «المجموع» (١/ ٣٠٨).
(٥) «الاستذكار» (٢٦/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>