للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الصحيحينعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فَقَالَتْ: مَا أُرَانِي إِلاَّ حَابِسَتَكُمْ!! قَالَ النَّبِيُّ : «عَقْرَى حَلْقَى، أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَانْفِرِي» (١).

وفي الصحيحين: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﴿قَالَ: أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الحَائِضِ (٢).

المبحث الرابع: وطء الحائض، وفيه مطالب:

[المطلب الأول: تحريم وطء الحائض في فرجها.]

نقل غير واحد من أهل العلم تحريم جماع الزوجة في فرجها حال الحيض، منهم ابن المنذر والنووي وابن قدامة وابن حزم والقرطبي وغيرهم كثير (٣).

ويحل للرجل فعل كل شيء مع امرأته من الاستمتاع والمباشرة إلا الجماع (٤).

روى مسلم عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ النَّبِيَّ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ» فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ، فَقَالُوا: مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلاَّ خَالَفَنَا فِيهِ: فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ:


(١) «البخاري» (١٧٧١)، و «مسلم» (١٢١١).
(٢) «البخاري» (١٧٥٥)، «مسلم» (١٣٢٨).
(٣) انظر «الأوسط (٢/ ٢٠٨)، و «المجموع» (٢/ ١٨٩)، و «المغني» (١/ ٤١٤)، و «الجامع لأحكام القرآن» (٣/ ٨٧)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٦٢٤)
(٤) قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَا تُكْرَهُ مُضَاجَعَةُ الْحَائِضِ وَلَا قُبْلَتُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ، وَلَا يُكْرَهُ وَضْعُ يَدِهَا في شَيْئ مِنَ الْمَائِعَاتِ، وَلَا يُكْرَهُ غَسْلُهَا رَأْسَ زَوْجِهَا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَحَارِمِهَا وَتَرْجِيلُهُ، وَلَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَعَجْنُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الصَّنَائِعِ، وَسُؤْرُهَا وَعَرَقُهَا طَاهِرَانِ وَكُلُّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ فِي كِتَابِهِ فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ إجماع الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا كُلِّهِ، وَدَلَائِلُهُ مِنَ السُّنَّةِ ظَاهِرَةٌ مَشْهُورَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ الله تَعَالَى: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ فَالْمُرَادُ: اعْتَزِلُوا وَطْأَهُنَّ وَلَا تَقْرَبُوا وَطْأَهُنَّ.

<<  <   >  >>