للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: استحباب تخليل شعر الرأس في غسل الجنابة]

في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ، كَانَ النَّبِىُّ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِى الْمَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ الشَعْرِ، ثُمَّ يَصُبُّ الماء عَلَى رَأْسِهِ ..... الحديث.

قال ابن رجب: هذه سنة عظيمة من سنن غسل الجنابة، ثابتة عن النبي لم يتنبه لها أكثر الفقهاء مع توسعهم في القول في سنن الغسل وآدابه (١).

[المطلب الثامن: هل يقاس تخليل شعر اللحية على تخليل شعر الرأس؟]

لا يقاس لأنه لم يصح في تخليل شعر اللحية حديث، لكن في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ: (ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِى الْمَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ الشَعْرِ)، فهذا يدل على أنه ثبت في غسل الجنابة تخليل شعر الرأس ولم يثبت في تخليل شعر اللحية حديث.

قال مالك عن تخليل اللحية: ولم يأتِ عن النبي أنه فعله في وضوئه، وجاء أنَّه خلل أصول شعره في الجنابة (٢).

وهناك قول بوجوب تخليل اللحية في الغسل.

قال ابن حبيب: و مَنْ ترك تخليل لحيته في ذلك و أصابع رجليه، لم يُجْزِه (٣).

واستدلوا لذلك بما قاله الباجي: قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ؛ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ اسْتِيعَابَ جَمِيعِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ وَاجِبٌ، وَالْبَشَرَةُ الَّتِي تَحْتَ اللِّحْيَةِ مِنْ جُمْلَتِهِ، فَوَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهَا وَمُبَاشَرَتِهَا بِالْبَلَلِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْفَرْضُ إلَى الشَّعْرِ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ وَنِيَابَةُ الْإِبْدَالِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؛


(١) شرح البخاري (١/ ٣١١).
(٢) انظر النوادر (١/ ٣٣).
(٣) النوادر (١/ ٦٤).

<<  <   >  >>