للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث التاسع: الأسآر، وفيه ثلاثة مطالب]

[المطلب الأول: سؤر الآدمي]

سؤر الآدمي طاهر، سواء كان محدثًا أو غير محدث، وسواء كان رجلًا أو امرأة، دل على ذلك النصوص المستفيضة، وقد كان الصحابة﴾ يشرب بعضهم من سؤر بعض، ولو كان سؤر الآدمي نجسًا لبين ذلك النبي لأمته.

في الصحيحين عن أَنَسِ : أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ شَرِبَ لَبَنًا، وَأَتَى دَارَهُ، فَحَلَبْتُ شَاةً، فَشُبْتُ لِرَسُولِ اللهِ مِنَ البِئْرِ، فَتَنَاوَلَ القَدَحَ فَشَرِبَ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: «الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ» (١).

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ (٢).

وسؤر الكافر طاهر؛ لأن الله أباح طعام أهل الكتاب ونكاح نسائهم، والأكل من آنيتهم. وصح أن النبي وأصحابه شربوا من مزادة امرأة مشركة، وأن أحد الصحابة كان جنبًا فاغتسل من ذلك الماء.

[المطلب الثاني: طهارة سؤر ما يؤكل لحمه]

قال ابن قدامة: أجمع الفقهاء على طهارة سؤر ما يؤكل لحمه (٣).

[المطلب الثالث: طهارة سؤر الهرة]

عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ، أَنَّهَا صَبَّتْ لِأَبِي قَتَادَةَ مَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا بْنَةَ أَخِي أَتَعْجَبِينَ؟ قَالَ رَسُولُ الله : «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ أَوالطَّوَّافَاتِ».


(١) البخاري (٥٦١٩)، ومسلم (٢٠٢٩).
(٢) مسلم (٣٠٠).
(٣) «المغني» (١/ ٤٥)، وقال ابن المنذر «الإجماع» (ص: ٣٤): وأجمعوا على أن سؤر ما أُكل لحمه طاهر، ويجوز شربه والوضوء به.

<<  <   >  >>