للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: أن حلق الشعر سنة، وهو مذهب الحنفية (١).

القول الرابع: يباح حلق الشعر، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة (٢).

واستدلوا بما روى أبو داود: عَنْ عبدِ الله بن جَعْفَرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: «لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدِ الْيَوْمِ». ثُمَّ قَالَ: «ادْعُوا لِي بَنِي أَخِي». فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ فَقَالَ: «ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ» فَأَمَرَهُ فَحَلَقَ رؤوسنا (٣).

والراجح: أن ترك الشعر أفضل من حلقه مع تعهده وتنظيفه، دل على ذلك ما رُوى عن البراء أنه قال: كان النبي لَهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ.

وعَنْ هِشَامٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَجَابِرًا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُمَّةٌ (٤).

وسئل أحمد عن تطويل الشعر فقال: تدبرت مرة، فإذا هو عن بضعة عشر رجلًا من أصحاب النبي (٥).

قلت: أما في الحج فتحلق الرأس لعموم قوله تعالي: ﴿لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ﴾ [الفتح: ٢٧].

[المبحث الثاني: ما المراد بالقزع المنهي عنه؟]

قال القرطبي: لا خلاف أنه إذا حلق من الرأس مواضع، وأبقيت مواضع أنه القزع المنهي عنه (٦).


(١) حاشية ابن عابدين (٦/ ٤٠٧).
(٢) الإنصاف (١/ ١٢٢)، وكشاف القناع (١/ ٧٩).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (٤١٩٢)، والنسائي (٥٢٢٧).
(٤) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ١٨٧).
(٥) كتاب الوقوف والترجل من الجامع لمسائل أحمد للخلال (١١٧، ١١٨).
(٦) قال في المفهم (٥/ ٤٤١)، اختلف في المعنى الذي لأجله كُره، فقيل: لأنه من زي أهل الدعارة والفساد، وقيل: لأنه تشبه وكأن هذه العلة أشبه.

<<  <   >  >>