للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يباح المسح في كل ما يطلق عليه سفر؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾.

قال ابن تيمية: لَمْ يَحُدَّ لِأُمَّتِهِ مَسَافَةً مَحْدُودَةً لِلْقَصْرِ وَالْفِطْرِ، بَلْ أَطْلَقَ لَهُمْ ذَلِكَ فِي مُطْلَقِ السَّفَرِ وَالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ، كَمَا أَطْلَقَ لَهُمُ التَّيَمُّمَ فِي كُلِّ سَفَر (١).

[المطلب الخامس: إذا مسح في السفر ثم أقام]

إذا لبس خفيه وهو مسافر ثم أقام، فإنه لا يخلو من حالين:

الأول: إذا كان لم يمسح في سفره حتى أقام، مسح يومًا وليلة.

الثاني: إذا مسح في سفره أقل من يوم وليلة ثم أقام، أكمل مسح اليوم والليلة، وإن كان قد استوفى مسح يوم وليلة ثم أقام فقد انتهت مدته لأنه لما أقام كان حكمه حكم المقيم، وهذا قول جمهور العلماء (٢).

قلت: وجِماع هذا الباب أن المعتبر في المسح وقت الأداء، فإن لبس الخفين وهو مقيم ثم سافر فمسح، فحكمه حكم المسافر، وإن لبس الخفين وهو مسافر ثم أقام فمسح، فحكمه حكم المقيم، والله أعلم.

المبحث الخامس: سفر المعصية هل يمسح فيه على الخفين؟ أي إذا كان المسافر عاصيًا بسفره، فهل يمسح على الخفين أم لا؟

هذا لا يخلو من حالين:

الأول: ما قاله النووى: أَمَّا الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ وَهُوَ مَنْ خَرَجَ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ وَقَصْدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ ارْتَكَبَ مَعَاصِيَ فِي طَرِيقِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِ، فَلَهُ التَّرَخُّصُ بِالْقَصْرِ وَغَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَمْنُوعًا مِنْ السَّفَرِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ بِخِلَافِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ (٣).


(١) «الفتاوى» (٢٤/ ١٣٥)، وقد توسعت في هذا المبحث في كتاب فقه الصيام ص (١٠٢).
(٢) «البحر الرائق» (١/ ١٨٩)، «الأم» (١/ ٥١)، «الفروع» (١/ ١٦٧، ١٦٨).
(٣) «المجموع» (٤/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>