للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَتَوَضَّأْ. فالنبي أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.

[المبحث السادس: الردة]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الردة لا تنقض الوضوء لأنها ليست بحدث، وبه قال الحنفية وقول للمالكية ووجه عند الشافعية (١).

قال ابن حزم: وَأَمَّا الرِّدَّةُ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ لِلْجَنَابَةِ أَوْ كَانَتِ امْرَأَةً فَاغْتَسَلَتْ مِنَ الْحَيْضِ ثُمَّ ارْتَدَّا ثُمَّ رَاجَعَا الإِسْلَامَ دُونَ حَدَثٍ يَكُونُ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا سَقِيمَةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ بِأَنَّ الرِّدَّةَ حَدَثٌ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ، وَهُمْ يُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَنْقُضُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، وَلَا غُسْلَ الْحَيْضِ، وَلَا أَحْبَاسَهُ السَّالِفَةَ، وَلَا عِتْقَهُ السَّالِفَ، وَلَا حُرْمَةَ الرَّجُلِ، فَمِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنَّهَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ؟! فَهَلاَّ قَاسُوا الْوُضُوءَ عَلَى الْغُسْلِ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ يَكُونُ أَصَحَّ قِيَاسٍ لو كان شيءٌ من القياس صحيحًا (٢).

القول الثاني: أن الردة تبطل الوضوء، وهو قول بعض المالكية ووجه في مذهب الشافعية والمشهور من مذهب الحنابلة (٣).

واستدلوا بعموم قَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ أي يحبط كل عمل بما فيه الوضوء فينقض.

واعترض عليه بما قاله ابن حزم: فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ الله تَعَالَى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ٦٥﴾ [الزمر] قلنا: هَذَا عَلَى مَنْ مَاتَ كَافِرًا لَا عَلَى مَنْ رَاجَعَ الإِسْلَامَ، يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ الله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [الزمر: ٦٥] وقوله تعالى: ﴿وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ ٦٥﴾ شَهَادَةٌ


(١) المبسوط (١/ ١١٦/ ١١٧)، المنتقى (١/ ٦٦)، المجموع (٢/ ٥).
(٢) المحلي (١/ ٢٤١).
(٣) الخرشي علي مختصر خليل (١/ ١٥٧)، المجموع (٢/ ٥)، المغني (١/ ١١٥).

<<  <   >  >>