للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] وجعل عدة اليائسة من المحيض والصغيرة التي لا تحيض ثلاثة أشهر فقال : ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤] فجعل بإزاء كل شهر طهرًا وحيضًا، ومنه ما هو استحاضة وليس بحيض.

[المطلب الثالث: أكثر الطهر]

لا حد لأكثر الطهر بالإجماع.

قال الكاساني: وَأَمَّا أَكْثَرُ الطُّهْرِ فَلَا غَايَةَ لَهُ، حَتَّى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا طَهُرَتْ سِنِينَ كَثِيرَةً فَإِنَّهَا تَعْمَلُ مَا تَعْمَلُ الطَّاهِرَاتُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ فِي بَنَاتِ آدَمَ أَصْلٌ، وَالْحَيْضُ عَارِضٌ، فَإِذَا لَمْ يَظْهَرِ الْعَارِضُ يَجِبُ بِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنْ طَالَ (١).

[المطلب الرابع: غالب الحيض]

ذهب جمهور العلماء إلى أن غالب الحيض ستة أيام أو سبعة (٢).

واستدلوا بما روى أحمد من حديث حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَتْ: كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً كَثِيرَةً، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ أَسْتَفْتِيهِ وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. فَقَالَ: «وَمَا هِيَ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ!! قَالَ: «أَنْعَتُ لَكِ الْكُرْسُفَ؛ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ» قَالَتْ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: «فَتَلَجَّمِي» قَالَتْ: إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا. فَقَالَ لَهَا: «سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ فَقَدْ أَجْزَأَ عَنْكِ مِنَ الْآخَرِ، فَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ»


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٤٠)، وقال ابن رشد «المقدمات» (١/ ١٢٦): وأما أكثر الطهر فلا حد له؛ لأن المرأة ما دامت طاهرة تصلي وتصوم، ويأتيها زوجها، طال زمان ذلك أو قصر. وقال النووي «المجموع» (٢/ ٤٠٩): أَكْثَرَ الطهر لا حد له وَدَلِيلُهَا فِي الْإِجْمَاعِ وَمِنَ الِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ ذَلِكَ مَوْجُودٌ مُشَاهَدٌ وَمِنْ أَظْرَفِهِ مَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي امْرَأَةٌ عَنْ أُخْتِهَا أَنَّهَا تَحِيضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَهِيَ صَحِيحَةٌ تَحْبَلُ وَتَلِدُ.
(٢) «المجموع» (٢/ ٤٠٣)، «المحرر» (١/ ٢٧)، «المغني» (١/ ٤٠٢).

<<  <   >  >>