للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث لا يحرم على الجنب ولا الحائض المكث في المسجد]

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للحائض المكث في المسجد، وبه قال الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤).

واستدلوا لهذا القول بالقرآن والسنة.

أما دليلهم من القرآن: فعموم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلموا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾.

وجه الدلالة: أن الله نهى الجنب عن قربان الصلاة، أي: مواضع الصلاة، وهي المساجد إلا مجتازًا (٥)، وإذا نهى الجنب عن المكث في المسجد؛ فكذا الحائض.

واعترض عليه: بأنه ذِكْر في أول الآية: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ﴾ أي: لا تصلِّ وأنت جنب، والضمير يعود إلى الصلاة، أي أن الجنب وهو مسافر لا يقرب الصلاة إلا إذا لم يجد الماء فيتيمم ويصلي.

وأجيب عنه بما قاله الشافعي: قال بَعْضُ أَهْلِ الْعِلم بِالْقُرْآنِ: مَعْنَاهَا: لَا تَقْرَبُوا مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ. وما أَشْبَهَ ما قال بِمَا قال لِأَنَّهُ ليس في الصَّلَاةِ عُبُورُ سَبِيلٍ إنَّمَا عُبُورُ السَّبِيلِ في مَوْضِعِهَا


(١) «البحر الرائق» (١/ ٢٠٥)، «شرح فتح القدير» (١/ ١٦٥).
(٢) «المدونة» (١/ ١٨٦)، «منح الجليل» (١/ ١٧٤).
(٣) «المهذب» (١/ ٤٥)، «المجموع» (٢/ ١٥٦)، «الحاوي» (١/ ٣٨٤).
(٤) «المغني» (١/ ٢٠٠)، «المبدع» (١/ ٢٦٠)، «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٢٣ - ٢١٥).
(٥) «الأوسط» (٢/ ١٠٩).

<<  <   >  >>