للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدل على أن ذلك هو السنة.

قال الماوردي: غَسْلُ الْكَفَّيْنِ ثَلَاثًا قَبْلَ إِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ سُنَّةٌ عَلَى كُلِّ مُتَوَضِّئٍ أَوْ مُغْتَسِلٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. إن كان في يده نجاسة، وتغير الماء بالنجاسة نجس إجماعًا (١).

[المبحث الثانى: المضمضة والاستنشاق، وفيه سبعة مطالب]

[المطلب الأول: حكم المضمضة والاستنشاق]

اختلف أهل العلم في حكم المضمضة والاستنشاق على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء، وبه قال المالكية والشافعية (٢).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦]، والمذكور في الآية فرائض الوضوء، وليس فيها المضمضة والاستنشاق فدل ذلك على أن المضمضة والاستنشاق سنة، ومما يؤكذ هذا المعنى ما رواه مسلم (٣) أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ».

القول الثاني: أن المضمضة والاستنشاق واجبة وهذا هو المشهور عن الحنابلة (٤). واستدلوا لذلك بما ورد في الأخبار من الأمر بالمضمضة والاستنشاق والأمر يقتضي الوجوب، ففي الصحيحين عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ، ثُمَّ لِيَنْثُرْ» (٥). وإذا كان الأمر بالاستنشاق فيه أمر بالمضمضة لأنه كالعضو الواحد فالأمر يقتضي الوجوب.


(١) «الحاوي» (١/ ١٠١).
(٢) «مواهب الجليل» (١/ ٣١٣)، «الأم» (١/ ٤١).
(٣) «مسلم» (٢٣١).
(٤) «الفروع» (١/ ١٤٤)، «الإنصاف» (١/ ١٥٢، ١٥٣)، «المحرر» (١/ ١١).
(٥) «البخاري» (١٦٢)، و «مسلم» (٢٣٧).

<<  <   >  >>