للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَأَمَرَ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَبْغِيَهُ ثَالِثًا، فَفِي تَرْكِهِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اكْتِفَائِهِ بِالْحَجَرَيْنِ (١).

واعترض عليه بما قاله ابن حزم: لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ اكْتَفَى بِالْحَجَرَيْنِ، وَقَدْ صَحَّ أَمْرُهُ لَهُ بِأَنْ يَأْتِيَهُ بِأَحْجَارٍ، فَالأَمْرُ بَاقٍ لَازِمٌ لَا بُدَّ مِنْ إبْقَائِهِ (٢).

واستدلوا بأن المقصود من الاستنجاء الإنقاء وقد يحصل بحجر.

واعترض عليه بأن الإنقاء لا يكون بحجر واحد وأنه ورد ألا نستنجي بأقل من ثلاث ولا قياس مع النص.

القول الآخر: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه لا يجزئ أقل من ثلاثة أحجار (٣).

واستدلوا لذلك بما روى مسلم عن سلمان: لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ لِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ، أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ.

والنهي للتحريم. وقد حكى الإجماع ابن المنذر وابن حزم بوجوب ثلاثة أحجار، وهذا الإجماع منخرم ولكن حديث سلمان كافٍ في وجوب ثلاثة أحجار، والله أعلم.

[المطلب الثالث: عدد الغسلات عند الاستنجاء]

اختلف أهل العلم في عدد الغسلات عند الاستنجاء على ثلاثة أقوال:

القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يعتبر عدد معين، بل المطلوب الإنقاء بأي عدد كان، وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية وقول عند الحنابلة (٤).

واستدلوا بما ورد في الصحيحين عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَتْ: إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَليِّ» (٥). هنا لم يحدد عدد الغسلات. وقال النبي للمستحاضة: «فَاغْسِلِي عَنْكِ


(١) شرح معاني الأثار (١/ ١٢٢).
(٢) المحلى (١/ ١١٣).
(٣) الأم (١/ ٢٢)، والمجموع (٢/ ١٢٠)، والمغني (١/ ١٠٢).
(٤) بدائع الصنائع (١/ ٢١)، والتمهيد (١/ ٢٢)، والمغني (١/ ١٠٦)، والمبدع (١/ ٢٣٨).
(٥) البخاري (٢٧٧)، ومسلم (٢٩١).

<<  <   >  >>