للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب العاشر: هل الصفرة والكدرة (١) في بداية الحيض تُحسب من أيام الحيض؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وفي أيام الطهر ليس بحيض. وهو المشهور من مذهب الحنفية وبعض المالكية والحنابلة (٢).

أما الدليل على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، فما رواه مالك عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ، مَوْلَاةِ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنينَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النِّسِاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِ الصُفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلَاةِ فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ (٣).

وأما الدليل على أن الصفرة والكدرة ليست حيضًا بعد الطهر فما رواه أبو داود بإسناد صحيح عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ وَكَانَتْ بَايَعَتِ النَّبِيَّ قَالَتْ: «كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا» (٤).

القول الثاني: أن الصفرة والكدرة حيض مطلقًا، وهو مذهب مالك، وهو الوجه الصحيح عند الشافعية (٥).

عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: كُنَّا فِي حِجْرِهَا مَعَ بَنَاتِ ابْنَتِهَا، فَكَانَتْ إِحْدَانَا تَطَّهَّرُ، ثُمَّ تُصَلِّي، ثُمَّ تُنَكَّسُ بِالصُّفْرَةِ الْيَسِيرَةِ، فَتَسْأَلُهَا فَتَقُولُ: «اعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ مَا رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، حَتَّى لَا تَرَيْنَ إِلَّا الْبَيَاضَ خَالِصًا» (٦).


(١) أقسام الدم: أسود، وأحمر، وأصفر، وأكدر.
(٢) «بدائع الصنائع» (١/ ٣٩)، «مواهب الجليل» (١/ ٢٦٤)، «كشاف القناع» (١/ ٢١٣).
(٣) إسناده ضعيف: أخرجه مالك «الموطأ» (١/ ٥٩).
(٤) أخرجه أبو داود (٣٠٧)، قال: حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا حماد عن قتادة عن أم الهزيل حفصة بنت سيرين عن أم عطية به.
(٥) «المدونة» (١/ ١٥٢)، «الاستذكار» (٣/ ١٩٣)، «المجموع» (٢/ ٤٢١).
(٦) إسناده حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٩٠) من طريق محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث عند الدارمي (٨٦١). وقد أنكر هشام بن عروة أن يكون ابن إسحاق سمع من زوجته فاطمة بنت المنذر، وقد رد الذهبي على هذا فقال: وما يدري هشام بن عروة فلعله سمع منها في المسجد أو سمع منها وهو صبي، أو دخل عليها فحدثته من وراء حجاب. كما في «الميزان» (٣/ ٤٧١).

<<  <   >  >>