للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْإِبْهَامِ مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى مَاسِكًا لَهُ مِنْ أَعْلَاهُ يَمُرُّ بِهِمَا عَلَيْهِ لِآخِرِهِ.

[المطلب السادس: استحباب الاستنثار بعد الاستنشاق]

الاستنثار: هُوَ طَرْحُ الْمَاءِ الَّذِي يَسْتَنْشِقُهُ الْمُتَوَضِّئُ بِرِيحِ أَنْفِهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِعَانَةِ يَدِهِ أَمْ لَا (١).

ذهب جمهور العلماء إلى أن الاستنثار سنة.

واستدلوا بما ورد في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلِيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ» (٢).

وذهب ابن حزم إلى أن الاستنثار فرض (٣).

واستدل بعموم قوله: «ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ» والأمر للوجوب.

واعترض عليه بأن المضمضة والاستنشاق والاستنثار سنة لأن الفروض ذكرت في آية المائدة: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦] وليست المضمضة والاستنشاق والاستنثار في الآية، وقد روى مسلم عن عُثْمَانَ بْن عَفَّان، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى، فَالصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ».

فالراجح أن الاستنثار سنة.

[المطلب السابع: استحباب الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة]

دل على ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث وُهَيْبٌ، قال: حدثنا عَمْرٍو بن يحيى، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ، وفيه: «ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ» (٤).


(١) «فتح الباري» في شرح حديث (١٦١).
(٢) «البخاري» (١٦٢)، و «مسلم» (٢٣٧).
(٣) «المحلى» (١/ ٢٩٦).
(٤) «البخاري» (١٩٢)، و «مسلم» (٢٣٥).

<<  <   >  >>